يقول الحق جلّ جلاله: {والليلِ إِذا يغشى} أي: حين يغشى الشمس، كقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) } [الشمس: 4] أو: كل ما يواريه بظلامه. وقال القشيري: إذا يغشى الأفق وما بين السماء والأرض فيستره بظلمته. {والنهارِ إِذا تَجَلَّى} أي: ظهر وأسفر ووضح، {وماخَلَقَ الذكَرَ والأُنثى} أي: والقادر الذي خلق الذكر والأنثى من كل ما له توالد مِن ماءٍ واحد، وقيل: هما آدم وحواء، و " ما " بمعنى " من " أو مصدرية. وقُرىء " والذكر والأنثى " وقرىء " الذي خلق الذكر والأنثى ". جواب القسم: {إِنَّ سعيَكم} أي: عملكم {لشتَّى} ؛ لمختلف، جمع شتيت، أي: إنّ مساعيكم لأشتات مختلفة.
ثم فصّله فقال: {فأّمَّا مَن أعطى} حقوق ماله {واتقى} محارمَ الله التي نهى عنها، {وصدَّق بالحسنى} ؛ بالخصلة الحُسنى، وهي الإيمان، أو بالكلمة الحسنى، وهي كلمة التوحيد، أو بالملة الحسنى، وهي الإسلام، أو بالمثوبة الحسنى، وهي الجنة، والتصديق هو أن يرى أنَّ ما وعده اللهُ به يوصله إليه، ولا يجري على قلبه خاطر شك، {فسَنُيَسِّره لليُسرى} ؛ فسنهيئه للطريقة التي تؤدي إلى الراحة واليُسر، كدخول الجنة ومبادئه. قال ابن عطية: معناه: سنظهر عليه تيسيرنا إياه بما يتدرج فيه من أعمال الخير، وحَتْم تيسيره كان في علم الله أزلاً. هـ. يقال: يسَّرَ الفرس، إذا أسرجها وألجمها.
{وأمّا مَن بَخِلَ} بماله، فلم يبذله في سبيل الخير، {واستغنَى} أي: زهد فيما عند الله تعالى، كأنه مستغنٍ عنه فلم يتقه، أو: استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة،