يقول الحق جلّ جلاله: {عَمّ يتساءلون} ، وأصله: " عمّا " فحذفت الألف، كما قال في الألفية:
وما في الاسْتِفهامِ إن جُرَّت حُذِفْ
أَلِفهَا وأَوْلهَا الها إنْ تَقْفِ
وحذفها إمّا للفرق بين الاستفهامية والموصولة، أو للتخفيف، لكثرة الاستعمال، وقُرىء بالألف على الأصل، أي: عن شيءٍ يتساءلون. والضمير لأهل مكة، وكانوا يتساءلون عن البعث فيما بينهم، يسأل بعضُهم بعضاً، ويخوضون فيه إنكاراً واستهزاءً، وليس السؤال عن حقيقته، بل عن وقوعه، الذي هو حال من أحواله، ووصف من أوصافه، فإنَّ " ما " كما يُسأل بها عن الحقيقة يُسأل بها عن الصفة، فتقول: ما زيد؟ فيقال: عالم أو طبيب.
وقيل: النبأ العظيم هو القرآن، عجب من تساؤلهم واختلافهم وتجادلهم فيه. والاستفهام للتفخيم والتهويل والتعجيب من الجدال فيه، مع وضوح حقه وإعجازه الدالّ على صدق ما جاء به، وأنه من عند الله، فكان ينبغي ألاّ يجادل فيه، ولا يتساءل عنه، بل يقطع به ولا يشك فيه، وقد قال تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَؤاْ عَظِيمُ} [صا: 67] الآية. وقال الورتجبي: النبأ العظيم: كلامه القديم، عظيم بعظم الله القديم، لا يَنال بركته إلاّ أهل الله وخاصته. هـ. وقيل: كانوا يسألون المؤمنين، فالتفاعل قد يكون من واحد متعدد، كما في قولك: تراؤوا الهلال. انظر أبا السعود.