قوله لبيد:
ساهِمُ الوجه شديدٌ أسْرُهُ
مُشرِفُ الحاركِ محبوكُ الكَتَدْ
أو: أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب، أو: أخذنا ميثاقهم على الإقرار، {وإِذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلاً} أي: إذا شئنا إهلاكهم أهلكناهم وبدّلنا أمثالهم في الخلقة ممن يطيع ولا يعصي. أو: بدلنا أمثالهم تبديلاً بديعاً لا ريب فيه، وهو البعث كما ينبىء عنه كلمة (إذا) لدلالتها على تحقُّق القدرة وقوة الداعية.
{إِنَّ هذه تَذْكِرةُ} ، الإشارة إلى السورة، أو الآيات القريبة، أي: هذه موعظة بليغة، {فمَن شاء اتخذ إِلى ربه سبيلاً} بالتقرُّب إليه بالطاعة واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، {وما تشاؤون} اتخاذَ السبيل إلى الله، أو: مايشاء الكفرة {إِلاّ أن يشاء الله} ، وهو تحقيق للحق، ببيان أنَّ مجرد مشيئَتهم غير كافية في اتخاذ السبيل، ولا يقدرون على تحصيله في وقت من الأوقات، إلاَّ وقت مشيئته في تحصيله لهم، إذ لا دخل لمشيئة العبد إلاّ في الكسب، وإنما التأثير لمشيئة الله تعالى، {إِنَّ الله كان عليما حكيماً} ؛ عليماً بما يكون منهم من الأحوال، حكيماً مصيباً في الأقوال والأفعال، وهو بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة، أي: هو تعالى مبالغ في العلم والحكمة، فيعلم ما يستأهله كل أحد، فلا يشاء لهم إلاّ ما يستدعيه علمه وتقضيه حكمته.
وقوله تعالى: {يُدخل من يشاء في رحمته} ، بيان لأحكام مشيئته، المترتبة على علمه وحكمته، أي: يُدخل في رحمته مَن يشاء أن يدخله فيها، وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ سبيل الله تعالى، حيث يوفقه لما يؤدي إلى دخول الجنة من الإيمان والطاعة. {والظالمين} وهم الذين صرفوا مشيئَتهم إلى خلاف ما ذكر {أعدَّ لهم عذاباً أليماً} متناهياً في الإيلام، و " الظالمين " منصوب بمضمر يُفسره معنى ما بعده، أي: أهان الظالمين أعد لهم عذابا أليما.
الإشارة: إنّا أنزلنا عليك أيها الخليفة القرآن، أي: الجمع على ربك في قلبك وسرك، تنزيلاً مترتباً شيئاً فشيئاً على حسب التهذيب والتدريب، فاصبرْ لحُكم ربك، أي: ما حَكَم به عليك من قهرية الجلال، وارتكاب الأهوال، ومقاسات الأحوال، فإنَّ العاقبةَ