يقول الحق جلّ جلاله: {يُسَبِّحُ لله ما في السمواتِ وما في الأرض} ، وهذا التسبيح إمّا أن يكون: تسبيح خِلقة، يعني: أنك إذا نظرت إلى شيء دلتك خِلقتُه على وحدانيته تعالى، وتنزيهِه عما لا يليق به، وإمّا أن يكون تسبيح معرفة؛ بأن يخلق في كل شيء ما يعرفه به تعالى وينزّهه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَإِن مِن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِحُ بحَمدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُون تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] ، أو: تسبيح ضرورة، بأن يُجري اللهُ التسبيحَ على كل جوهر، من غير معرفةٍ له بذلك. قاله النسفي.
{الملكِ القُدُّسِ} أي: المنزَّه عما لا يليق به من الكمالات. ولا يُقال: المنزّه عن النقائص؛ إذ لا يصح اتصافه بها حتى تُنفى عنه، وربما يكون نقصاً في حقه، كما يُقال: الملِك ليس بجزار. {العزيزِ الحكيمِ} ، وقرئت هذه الصفات الأربع بالرفع على المدح.
{هو الذي بَعَثَ في الأميين رسولاً منهم} أي: بعث رجلاً أُميًّا في قوم أميين، وقيل: {منهم} : من أنفسهم، يعلمون نَسَبه وأحواله وصِدْقَه. والأُمي: منسوب إلى أميّة العرب؛ لأنهم لايقرؤون ولا يكتبون من بين الأمم. قيل. بُدئت الكتابة في العرب بالطائف، وهم أخذوها من أهل الحيرة، وأهل الحيرة من أهل الأنبار. {يتلو عليهم آياته} ؛