يقول الحق جلّ جلاله: واذكر {يومَ ترى} أو: لهم أجر كبير {يومَ ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نُورُهم} وهو نور الإيمان في الدنيا، يكون هناك حسيّاً يسعى {بين أيديهم وبأَيمانهم} وقيل: هو القرآن، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم مَن يؤتى نوره كالنخلة، ومنهك كالرجل القائم، وأدناهم نوراً مَنْ نوره على إبهام رجله، يطفأ تارة ويلمع تارة.
قلت: ومنهم مَن نُوره كالقمر ليلة البدر، ومنهم مَن نوره كالشمس الضاحية، يُضيء خمسمائة عام، كما في أحاديث أخرى، وذلك على قدر إيمانهم وعرفانهم. قال الحسن: يستضيئون به على الصراط، وهم متفاوتون في السرعة، قال أبو نصر الهمداني: أمة محمد صلى الله عليه وسلم على سبعة أنواع: الصدِّيقون، والعلماء، والبُدلاء، والشهداء، والحُجاج، والمطيعون، والعاصون، فالصدِّيقون يمرُّون كالبرق، والعلماء، أي: العاملون، كالريح العاصف، والبدلاء كالطير في ساعة، والشهداء كالجواد المسرع، يمرُّون في نصف يوم، والحجاج يمرُّون يومٍ كامل، والمطيعون في شهر، والعاصون يضعون أقدامهم على الصراط، وأوزارهم على ظهرهم، فيعثرون، فتقصد جهنم أن تحرقهم، فترى نور الإيمان في قلوبهم، فتقول: جز يا مؤمن، فإنَّ نورك قد أطفا لهبي. هـ. قلت: الصدِّيقون على قسمين، أما أهل الاقتداء، الدالُّون على الله، المسلِّكون، فتقرب الغُرف لهم، فيركبونها، ويمرُّون، وأما الأفراد فيطيرون كالبرق. والله تعالى أعلم.
وقال مقاتل: يكون هذا النور لهم دليلاً إلى الجنة، وتخصيص الجهتين لأنّ السعداء يُؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين {من بين أيديهم وعن إيمانهم} كما أنَّ الأشقياء يؤتون صحائفهم من شمائلهم ووراء ظهورهم، فجَعَل النور في الجهتين إشعاراً لهم بأنهم بحسناتهم وبصحائفهم البيض أفلحوا.
وتقول لهم الملائكة: {بُشراكم اليومَ جناتٌ} أي: دخول جنات؛ لأنّ البشارة تقع بالإجداث دون الجُثث، {تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم} . {يومَ} بدل من " يوم ترى " {يقول المنافقون والمنافقاتُ للذين آمنوا انُظرونا} أي: