مكية كلها عند الجمهور، وقيل: إلّا قوله: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ... إلخ. وهى خمسون آية، ومناسبتها لما قبلها: قوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ «1» وهى التي أخبر عنها بقوله:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (?) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (?) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (?) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (?)
حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)
يقول الحق جلّ جلاله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ قربت القيامة، قال القشيري: ومعنى قربها: أنّ ما بقي من الزمان إلى القيامة قليلٌ بالإضافة إلى ما مضى. هـ. قال ابن عطية: وأمرها مجهول التحديد، وكل ما يُروى من التحديد في عمر الدنيا فضعيف. هـ. وَانْشَقَّ الْقَمَرُ نصفين، وقرىء: و «قد انشقَّ القمر» ، أي: اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أنَّ القمر قد انشقًَّ، كما تقول: أقبل الأميرُ، وقد جاء البشير بقدومه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرقتين، فكانت أحداهما فوق الجبل، والأخرى أسفل من الجبل، فقال صلّى الله عليه وسلم: «اشهدوا» «2» . قال ابن عباس: إنَّ المشركين قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشُق لنا القمر فلقتين، فقال: «إن فعلتُ أتؤمنون؟» فقالوا: نعم، وكانت ليلة بدر، فسأل صلّى الله عليه وسلم ربه فانشق فرقتين، نصف على أبي قُبيس، ونصف على قُعَيْقِعان «3» . وقيل: سألوا آية مجملة، فأراهم انشقاق القمر «4» . قال ابن عطية: وعليه الجمهور، يعني عدم التعيين.