والحاصل: أنهم يلحقون بهم في الطبقة، ويتفاوتون في نعيم الأرواح والأشباح، وفي الرؤية والزيادة (?) . والله تعالى أعلم.

وَما أَلَتْناهُمْ أي: ما نقصنا الآباء بهذا الإلحاق مِنْ عَمَلِهِمْ من ثواب عملهم مِنْ شَيْءٍ بأن أعطينا بعض مثوباتهم لأبنائهم، فتنقص مثوبتهم، وتنحط درجتهم، وإنما رفعناهم إلى منزلتهم بمحض التفضُّل والإحسان. والألت: البخس. وقرأ المكي: (أَلِتناهم) بكسر اللام، من: ألِت يألَت، كعلم يعلم (?) ، و «مِن» الأولى متعلقة ب «ألتناهم» ، والثانية زائدة لتأكيد النفي. كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ أي: كل امرئ مرهون عند الله تعالى بعمله، فإن كان صالحاً فله، وإلا أهلكه. والجملة: استئناف بياني، كأنه لمّا قال: ما نقصناهم من عملهم شيئاً نعطيه الأبناء حتى يلحقوا بهم على سبيل التفضُّل، قيل: لِمَ كان الإلحاق تفضُّلاً؟ قال: لأن كل امرئ بما كسب رهين، وهؤلاء لم يكن لهم عمل يلحقوا بسببه بهم، فأُلحقوا تفضُّلاً.

وَأَمْدَدْناهُمْ أي: وزوّدناهم في وقت بعد وقت بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ من فنون النعماء وألوان اللآلئ، وإن لم يطلبوا ذلك. يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً أي: يتعاطون ويتعاورون (?) هم وجلساؤهم من أقربائهم كأساً فيها خمر، يتناول هذا الكأسَ من يد هذا، وهذا من يد هذا، بكمال رغبة واشتياق، لا لَغْوٌ فِيها أي: في شربها، فلا يتكلمون في أثناء الشراب إلا بكلام طيب، فلا يجري بينهم باطل، وَلا تَأْثِيمٌ أي: لا يفعلون ما يُوجب إثماً لصاحبه لو فعله في دار التكليف، كما هو شأن المُنادمين في الدنيا، وإنما يتكلمون بالحِكَم واحاسِن الكلام، ويفعلون ما يفعله الكرام.

قال القشيري: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ لا يجري بينهم باطل ولا ما فيه لوم، كما يجري من الشَّرْب (?) اليوم في الدنيا، ولا تذهب عقولهم، فيجري بينهم ما يُخرج عن حدّ الأدب والاستقامة، وكيف لا يكون مجلسهم بهذه الصفة، وعلى المعلوم مَن يسقيهم بمشهد من مجلوسهم، وعلى رؤية من شربهم، والقوم عن الدار وعن ما فيها مختطفون باستيلاء ما يستغرقهم، فالشراب يؤنسهم، ولكن لا يمر بحاستهم. هـ.

وقرأ المكي والبصري بالفتح (?) فيها على إعمال «لا» النافية للجنس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015