ناراً، تسجر بها نار جهنم، كما يسجر التنور بالحطب» وعن ابن عباس: المسجور: المحبوس «1» ، أي: المُلْجَم بالقدرة.

والواو الأولى للقسم، والتوالي للعطف، والمقسم عليه: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ لنازل حتماً، ما لَهُ مِنْ دافِعٍ أي: لا يمنعه مانع، والجملة: صفة لواقع، أي: وقع غير مدفوع. و «من» مزيدة للتأكيد، وتخصيص هذه الأمور بالإقسام بها لأنها أمور عظام، تُنبئ عن عِظم قدرة الله تعالى، وكما علمه، وحكمته الدالة على إحاطته تعالى بتفاصيل أعمال العباد، وضبطها، الشاهدة بصدق أخباره، التي من جملتها: الجملة المُقسَم عليها.

الإشارة: أقسم الله تعالى بجبل العقل، الذي أرسى به النفس أن تميل إلى ما فيه هلاكها، وبما كتب في قلوب أوليائه من اليقين، والعلوم، والأسرار، قال تعالى: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ»

وذلك حين رقَّت وَصَفَت من الإغيار، ثم أقسم أيضاً بذلك القلب، وهو البيت المعمور لأن القلب بيت الرب، «يا داوود طَهرّ بيتاً أَسْكُنه ... »

الحديث «3» ، وهو معمور بالمعارف والأنوار، وأقسم بسماء الأرواح المرفوعة عن خوض عالم الأشباح، وهو سقف بيت القلب، وبحر الأحدية الذي عمر كلَّ شيء، وأحاط بكل شيء، وأفنى كل شيء، فالوجود كله بحر متصل، أوله وآخره، وظاهره وباطنه. إنَّ عذاب ربك لأهل العذاب، وهم أهل الحجاب، لواقع، وأعظم العذاب: غم الحجاب وسوء الحساب. ومن دعاء السري السقطي: اللهم مهما عذبتني فلا تعذبني بذل الحجاب. هـ. ما له من دافع لا يدفعه أحد من الخلق، إلا مَن رحم الله، أو: مَن أهّله الله لذلك من أهل التربية النبوية.

ثم ذكر وقت ما أقسم عليه، فقال:

[سورة الطور (52) : الآيات 9 الى 16]

يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (10) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (12) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)

هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (14) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (15) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (16)

يقول الحق جلّ جلاله: واذكر يَوْمَ تَمُورُ أو: لواقع يوم تمور السَّماءُ أي: تدور كالرحى مضطربة مَوْراً عظيماً تتكفأ بأهلها كالسفينة، وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً أي: تزول عن وجه الأرض، فتصير في الهواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015