أي: المؤمنين بالكافرين، فأمَرَهم بالجهاد ليستوجبوا الثواب العظيم، وليسلم مَن سبق إسلامه من الكافرين. وَالَّذِينَ قُتِلُوا (?) فِي سَبِيلِ اللَّهِ لإعلاء كلمة التوحيد، لا لغرض آخر، فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ فلن يضيعها.
سَيَهْدِيهِمْ في الدنيا إلى طريق الرشد والصواب، وفي الآخرة إلى جزيل الثواب، وقيل: يهديهم إلى جواب منكر ونكير، وَيُصْلِحُ بالَهُمْ بأن يَقبل أعمالهم ويُرضي خصماءهم، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ.
قال مجاهد: عرّفهم مساكنهم فيها حتى لا يحتاجوا إلى دليل لها (?) ، أو: طَيَّبها، من: العَرف، وهو طيب الرائحة، ويمكن الجمع: بأن عَرْف المحل يهدي صاحبَه إلى جنته ومحله.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ بنصر دينه وإظهار شريعة نبيه يَنْصُرْكُمْ على عدوكم، ويفتح لكم، وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ في مواطن الحرب ومواقفها، أو على محجة الإسلام، وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ أي: فيقال: تعساً لهم، والتعس: الهلاك، أو السقوط والانحطاط، أو العثار، أو البُعد. وقال ابن السكيت: التعس: أن يجر على وجهه. هـ أي: أتعسهم الله تعساً، أي: أهلكهم وأبعدهم. وقال ابن عباس: «في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالتردي في النار» . والمراد بالذين كفروا عام، وقيل: المراد مَن يضاد الذين ينصرون دين الله، كأنه قيل:
إِن تَنصُروُاْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ويثبت أقدامكم، ومَن لم ينصره فتعساً له، فوضع «الذين كفروا» موضع مَن لم ينصره تغليظاً، فهو وِفقٌ لأسلوب السورة من التقابل المعنوي، فهو عطف جملة على جملة شرطية مثلها، ولذلك دخلت الفاء في خبر الموصول، كما قرره الزجاج. انظر الطيّبي. هـ من الحاشية. وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي: أحبطها وأبطلها.
ذلِكَ التعس والإضلال بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن لما فيه من التوحيد وسائر الأحكام، المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمّارة بالسوء، فَأَحْبَطَ لأجل ذلك أَعْمالَهُمْ التي كانوا عَمِلُوها، من صلة الأرحام وغيرها.
الإشارة: نهايةُ الجهاد الأصغر: وضعُ الحرب أوزارَها بالإسلام أو السّلم، ونهاية الجهاد الأكبر: استسلامُ النفس وانقيادها لما يُراد منها، أو موتها بالغيبة عنها بالكلية. قال بعض العارفين: انتهى سير السائرين إلى الظفر