فلاَ الشمس شَمْسٌ تستنيرُ ولا الضحى ... يطلق ولا ماءُ الحياة بباردِ. هـ. (?)
وقوله تعالى: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ قال القشيري: وقد يستزيد هؤلاء العذاب على العكس من أحوال الخلق، وفي ذلك أنشدوا:
وكلُّ مآربي قدْ نِلْتُ مِنها ... سِوى مُلكِ وَدِّ قَلْبي بالعذاب (?)
فهم يسألون البلاء بدل ما يستكشفه الخلق، وأنشدوا:
أَنْتَ البلاء فكيف أرجو كَشْفه ... إنَّ البلاء إذا فقدتُ بلائي. هـ.
قلت: وأصرح منه: قال الشاعر:
يا مَن عذابِيَ عَذْبٌ في مَحَبَّته ... لاَ أشْتكِي منك لا صَدّا ولا مَلَلا
وقول الجيلاني (?) - رضي الله عنه:
تَلَذُّ لِيَ الآلامُ إذْ كُنْتَ مُسقِمي ... وَإن تَخْتَبِرني فَهْي عِنْدي صَنَائِعُ
تَحَكَّم بِمَا تَهْواهُ فِيّّ فإنَّني ... فَقيرٌ لسُلطان المَحَبَّةِ طَائِعُ
قوله تعالى: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى أي: كيف يتّعظ مَن تنكَّب عن صحبة الرجال، وملأ قلبه بالخواطر والأشغال؟ وقد جاءهم مَن يدعوهم إلى الكبير المتعال، فأنكروه، وقالوا: مُعَلَّمٌ مجنون، إنا كاشفوا العذاب عن قلوبهم من الشكوك والخواطر قليلاً، حين يتوجهون إلينا، ويفزعون إلى بابنا، أو يسمعون مِن بعض أوليائنا، ثم تكثر عليهم الخواطر، حين تنقشع عنهم سحابة أمطار الواردات من قلوب أوليائنا، إنكم عائدون إلى ما كنتم عليه، يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى، هي خطفة الموت، فلا ينفع فيها ندم ولا رجوع، بل يورثهم حزناً طويلاً، فلا يجدون في ظلال انتقامنا مقيلاً، فننتقم ممن أعرض بسريرته عن دوام رؤيتنا.