وقال ابن عطية: وإنما فصلت «حم عسق» ، ولم يفعل ذلك ب «كهيعص» لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها.
هـ. زاد النسفي: وأيضاً: هذه آيتان، و «كهيعص» آية واحدة. هـ. فانظره.
اللَّهُ أي: يوحي الله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ: فاعل «يُوحي» ، وقرأ ابن كثير بالبناء للمفعول (?) . و «الله» : فاعل بمحذوف، كأن قائلاً قال: مَن المُوحِي؟ فقال: اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أي: الغالب بقهره، الحكيم في صنعه وتدبيره.
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مُلكاً وملِكاً، وَهُوَ الْعَلِيُّ شأنه الْعَظِيمُ سلطانه وبرهانه.
ثم بيّن عظمته، فقال: تَكادُ (?) السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ تتشققن من عظمة الله تعالى وعلو شأنه، يدلّ عليه مجيئه بعد قوله: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ. وقيلَ: من دعائهم له ولداً، كقوله: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ (?) إلخ، ويؤيده: مجيء قوله: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ (?) . وقرأ البصرىّ وشعبة:
«ينفطرن» ، والأول أبلغ. ومعنى: مِنْ فَوْقِهِنَّ أي: يبتدين بالانفطار من جهتهنّ الفوقانية. وتخصيصها على التفسير الأول لأن أعظم الآيات وأدلها على العظمة والجلال من تلك الجهة، وأيضاً: استقرار الملائكة إنما هو من فوق، فكادت تنشق من كثرة الثِقل، كما في الحديث: «أطَّت السماء، وحُقّ لها أن تَئطَّ، ما فيها موضع قدم إلا وفيها ملك راكع أو ساجد» (?) .
وعلى الثاني للدلالة على التفطُّر من تحتهن بالطريق الأولى لأن تلك الكلمة الشنعاء، الواقعة في الأرض حين أثرت في جهة الفوق فلأن تؤثر في جهة التحت أولى. وقيل: «من فوقهن» : من فوق الأرض، فالكناية راجعة إلى الأرض، من قوله: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لأنه بمعنى الأرضين.
وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ خضوعاً لِمَا يرون من عظمته، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أي:
للمؤمنين منهم، خوفاً عليهم من سطواته، ويُوحدون اللهَ وينزهونه عما لا يليق به من الصفات، حامدين له على ما أولاهم من ألطافه، متعجبين لما رأوا من تعرُّض الكفرة لسخط الله تعالى، ويستغفرون لمؤمنى أهل الأرض،