آيات الله، فيرجع إلينا المُلك «1» فسمى الله تمنيهم بذلك كِبْراً، ونفى أن يبلغوا متمناهم. فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ فالتجىء إليه من كيد مَن يحسدك، ويبغي عليك، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لِمَا تقول ويقولون، الْبَصِيرُ بما تعمل ويعملون، فهو ناصرك عليهم، وعاصمك من شرهم.
الإشارة: فاصبر أيها المتوجه إلى الله، إن وعد الله بالفتح حق إن صبرت، وكابدت ولم تملّ، واستغفر لذنبك، وتطهرْ من عيبك، لتدخل حضرة ربك. قال الورتجبي: «واستغفر لذنبك» أي: لما جرى على قلبك من الأحكام البشرية، وأيضاً: استغفر لرؤية وجودك في وجود الحق، فإنَّ كون الحادث في وجود القديم ذنب في إفراد القدم من الحدوث. انظر تمامه.
وقوله تعالى: وَسَبِّحْ.. الخ، فيه الحث على التوجُّه إلى الله في هذين الوقتين، فإن العبرة بالافتتاح والاختتام، فمَن فتح يومه بخير، وختمه بخير، حكم على بينهما. وقال في أهل الإنكار: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ ... الآية، فاستعذ بالله منهم، وغِبْ عنهم بإقبالك على مولاك. وبالله التوفيق.
ولمّا كانت مجادلة الكفرة فى آيات الله مشتملة على إنكار البعث، احتج عليهم بقوله:
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59)
يقول الحق جلّ جلاله: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ، فمَن قدر على اختراع هذه الأجرام مع عظمها كان على اختراع الإنسان بعد موته وبعثه مع مهانته أقدر، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ذلك لأنهم لا يتفكرون لغلبة الغفلة عليهم، وعمى بصيرتهم.
وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أي: الغافل والمستبصر، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ولا يستوي المحسن والمسيء، فلا بد أن تكون لهم حال أخرى، يظهر فيها ما بين الفريقين من التفاوت، وهي فيما بعد البعث، فيرتفع المستبصر المحسن في أعلى عليين، ويسقط الغافل المسيء في أسفل سافلين. وزيادة