قلت: لا يبعد أن تحمل الآية على ظاهرها، فإن الله تعالى يُبدل الأرض ويجمعها بأجمعها، فتكون كخبزة النقي، ويطوي السماء كطي الكتاب، حتى يبرز العرش، كما في الحديث، ففي حديث البخاري، عن أبي سعيد الخدري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تكون الأرضُ يومَ القيامة خبزةً واحدةً، يتكفؤُها الجبارُ بيده، كما يتكفؤُ أحدُكم خُبْزَته في السفر، نُزُلاً لأهل الجنة» (?) . وفي حديث أبي هريرة: «إن الله يقبض الأرض، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول:

أنا الملك، أين ملوك الأرض» (?) وقال ابن عمر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر، وهو يحكي عن ربه تعالى، فقال: «إن الله تعالى إذا كان يوم القيامة، جمع السماوات والأرضين السبع في قبضته، ثم قال هكذا، وشدّ قبضته، ثم بسطها، ثم يقول: أنا الله، أنا الرحمن..» الحديث. وفي لفظ آخر: «يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون؟» (?) . وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية: «كل ذلك في يمينه، وليس في يده الأخرى شيء، وإنما يستعين بشماله المشغولُ بيمينه، وما السماوات السبع، والأرضون السبع، في يد الله تعالى، إلا كخردلة في يد أحدكم، ولهذا قال: مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ: يعني السماوات والأرضين كلها بيمينه» (?) قلت: من كَحل عين بصيرته بإثمد التوحيد الخاص، لا تصعب عليه هذه الأمور إذ تجليات الحق لا تنحصر، فيمكن أن يتجلى من نور جبروته بنور يشا كل الآدمي في الأعضاء كلها، فيكون له ذات لها يدان وقدمان، وبه ورد أن الله يضع قدمه على النار، فتقول: قط قط، ويكشف عن ساقه لأهل الموقف، ويتقدمهم للجنة، إلى غير ذلك مما ورد في الحديث. ولا يلزم من ذلك حصر ولا تجسيم، إنما هي تجليات للذات الكلية المطلقة، ولا يفهم هذا إلا أهل الفناء والبقاء من العارفين، فسلِّم تسلَم.

سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أي: تنزيهاً عظيماً لمَن هذه قدرته وشأنه عما يضاف إليه من الشركاء، أي: ما أبعد من هذا شأنه عن إشراكهم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015