قلت: (إذ قال) : متعلق بيختصمون، أو: بدل من (إذ) قبله، أو: باذكر. و «الحق» : فمن نصبه، فعلى حذف فعل القسم، كقولك: الله لأفعلن، أي: أقسم بالحق، فحذفت الباء ووصل الفعل به، ومن رفعه فمبتدأ، أي: الحقُّ مني، أو:

خبر، أي: أنا الحق. والحق الثاني: مفعول «أقول» ، والجملة: معترضة بين القسم وجوابه، وهو: (لأملأن) .

يقول الحق جلّ جلاله في تفسير الاختصام المذكور: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ حين أراد خلق آدم، إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ، وقال: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها (?) . والتعرُّض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره- عليه الصلاة والسّلام- لتشريفه صلّى الله عليه وسلم، والإيذان بأنَّ وحي هذا النبأ إليه تربية وتأييد له. والكاف وارد باعتبار حال الآمر، لكونه أدلّ على كونه وحياً منزلاً من عنده تعالى، كما في قوله تعالى: ... يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ... (?) الخ، دون حال المأمور، وإلاَّ لقال: ربي لأنه داخل فى حيز الأمور.

فَإِذا سَوَّيْتُهُ أي: صوَّرْتُه بالصورة الإنسانية، والخلقة البشرية، أو: سويت أجزاء بدنه، بتعديل أعضائه، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي الذي خلقته قبلُ، وأضافه إليه تخصيصاً، كبيت الله، وناقة الله. والروح سر من أسرار الله، لطيفة ربانية، سارية في كثيفة ظلمانية، فإذا سرت فيه حيى بإذن الله، أي: فإذا أحييته فَقَعُوا أي: اسقطوا لَهُ، وهو أمر، مِن وقع، ساجِدِينَ قيل: كان انحناء يدلّ على التواضع، وقيل: كان سجوداً لله، أو سجود تحية لآدم وتكريماً له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015