هذا فَلْيَذُوقُوهُ أي: ليذوقوا هذا فليذوقوه، كقوله تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (?) أو: العذاب هذا فليذوقوه، وهو حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ.. الخ، أو: (هذا) : مبتدأ، و (حميم وغساق) : خبر، وما بينهما اعتراض، والغساق:
ما يَغسَق، أي: يسيل من صديد أهل النار، يقال: غَسَقت العين إذا سال دمعها. وقيل: الحميم يحرق بحرّه، والغساق يحرق ببرده. قيل: «لو قطرت منه قطرة بالمشرق لأنتنت أهل المغرب، ولو قطرت بالمغرب لأنتنت أهل المشرق، وقيل: الغساق: عذاب لا يعلمه إلا الله. وهو بالتخفيف والتشديد، قرىء بهما (?) .
وَآخَرُ أي: وعذاب آخر، أو: مذوق آخر، مِنْ شَكْلِهِ من مثل العذاب المذكور. وقرأ البصري:
«أُخَرُ» بالجمع، أي: ومذوقات أُخَرُ من شكل هذا العذاب في الشدّة والفظاعة، أَزْواجٌ أي: أصناف، وهو خبر لأخر، أو: صفة له، أو: للثلاثة.
هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ، حكاية لِمَا يقوله الخزنة للطاغين إذا دخلوا النار، واقتحمها معهم فوج كانوا يتبعونهم في الكفر والضلالة. والاقتحام: الدخول في الشيء بشدة، أو: من كلام الطاغين بعضهم من بعض.
لا مَرْحَباً بِهِمْ، هو من تمام كلام الخزنة، على الأول، أو: من كلام الطاغين، دعاء منهم على أتباعهم. يُقال لمَن يدعو له أو يفرح به: مرحباً، أي: وجدت مكاناً رَحْباً، لا ضيقاً، ثم تدخل عليه النفي في دعاء السوء، فتقول:
لا مرحباً. و «بهم» : بيان للمدعو عليهم، إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ أي: داخلوها. وهو تعليل لاستحقاقهم الدعاء عليهم.
وقيل: (هذا فوج ... ) إلخ، من كلام الخزنة لرؤساء الكفرة. و (لا مرحباً بهم ... ) الخ، من كلام الرؤساء.
قالُوا أي: الأتباع: بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أي: الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحقّ به، وعلّلوا ذلك بقوله: أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا أي: إنكم دعوتمونا للكفر، فتبعناكم، فقدمتمونا به للعذاب، فَبِئْسَ الْقَرارُ أي: بئس المقر جهنم، قصدوا بذمها تغليظ جناية الرؤساء عليهم. قالُوا أي: الأتباع، معرَّضين عن خصومتهم، متوجهين إلى الله: رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً أي: مضاعفاً. فِي النَّارِ أو: ذا ضعف، ومثله قوله: رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً (?) ، وهو أن يزيد على عذابه مثله.