الحديث: «لو أن قطرةً من الزقوم قُطرَتْ في بحار الدنيا لأفسدتْ على أهل الأرض معايشهم. فكيف بمَن يكون الزقومُ طعامُه!» (?) . وقال ابن عرفة: هذه الشجرة يحتمل أن تكون واحدة بالنوع، فيكون كل جهة من جهات جهنم فيها شجرة، أو: تكون واحدة بالشخص. هـ.

إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ محنةً وعذاباً لهم في الآخرة، وابتلاء لهم في الدنيا. وذلك أنهم قالوا: كيف تكون في النار شجرة، والنار تحرق الشجر؟ ولم يعلموا أنَّ مَنْ قَدَر على خلق حيوان يعيش في النار ويتلذّذ بها- وهو السمندل- (?) كيف لا يقدر على خلق شجر في النار، وحفظه من الإحراق؟ إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، قيل: منبتها في قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها، وهذا يؤيد أنها واحدة بالشخص.

طَلْعُها أي: حملها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ، الطلع للنخلة، فاستعير لما يطلع من شجرة الزقوم من حملها، وشُبِّه برؤوس الشياطين للدلالة على تناهيه في الكراهة، وقُبح المنظر لأن الشيطان مكروه مستقبَح في طباع الناس لاعتقادهم أنه شرّ محض. وقيل: الشياطين: حيَّات هائلة، قبيحة المنظر، لها أعراف يقال لها شياطين. وقيل: شبه بما استقر في النفوس من كراهة رؤوس الشياطين وقُبحها، وإن كانت لا ترى، كما شبهوا سنان الرماح بأنياب أغوال، كما قال امرؤ القيس:

أَيَقتُلُني والمشْرَفيُّ مُضَاجِعي ... ومَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كأنيابِ أغْوَالِ (?)

فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها أي: من طلع تلك الشجرة، فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ مما يبلغهم من الجوع الشديد، فيملؤون بطونهم منها مع تناهي بشاعتها، ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها على أكلها، أي: بعد ما شَبِعوا منها، وغلبهم العطش، وطال استقاؤهم، لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ أي: لشراباً من غساق، أو: حديد، مشوباً بماء حار، يشوي وجوههم، ويقطع أمعاءهم، في مقابلة ما قال في شراب أهل الجنة: وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (?) وأتى ب «ثم» لما في شرابهم من مزيد البشاعة والكراهة فإِنَّ الزقوم حار محرق، وشرابهم أشد حرا وإحراقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015