وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13)
وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ أي: ودأبهم أنهم إذا وُعظوا بشيء لا يتعظون به.
[سورة الصافات (37) : آية 14]
وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14)
وَإِذا رَأَوْا آيَةً معجزة، كانشقاق القمر، ونحوه، يَسْتَسْخِرُونَ يُبالغون في السخرية، ويقولون: إنه سحر، ويستدعي بعضهم بعضاً أن يسخر منها،
[سورة الصافات (37) : آية 15]
وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (15)
وَقالُوا إِنْ هذا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ظاهر سحريته،
[سورة الصافات (37) : آية 16]
أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16)
أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أي: أنُبعث إذا كنا ترابا وعظاما؟
[سورة الصافات (37) : آية 17]
أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17)
أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ، فمن فتح الواو عطف على محلّ «إِنّ» واسمها، والهمزة للإنكار، أي: أو يبعث أيضاً آباؤنا الأولون الأقدمون، على زيادة الاستبعاد، يعنون أنهم أقدم، فبعثهم أبْعد وأبطل. ومَن سَكَّن «1» فَمِنْ عطفِ أحد الشيئين، أي: أيُبعث واحد منا، على المبالغة فى الإنكار.
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (18) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (20) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21)
قُلْ نَعَمْ تُبعثون وَأَنْتُمْ داخِرُونَ صاغرون.
فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ أي: صيحة واحدة، وهى النفحة الثانية، والفاء: جواب شرط مقدر، أي: إذا كان كذلك فما هي إلا صيحة واحدة، وهي مبهمة، يُفسرها خبرها. أو: فإنما البعثة زجرة واحدة. والزجرة: الصيحة، من قولك: زجر الراعي الإبلَ والغنمَ: إذا صاح عليها، فَإِذا هُمْ أحياء يَنْظُرُونَ إلى سوء أعمالهم، أو:
ينظرون ما يحلُّ بهم.
وَقالُوا يا وَيْلَنا، الويل: كلمة يقولها القائل وقت الهلكة، هذا يَوْمُ الدِّينِ اليوم الذي يُدانُ فيه العباد، ويُجازون بأعمالهم. هذا يَوْمُ الْفَصْلِ أي: يوم القضاء والفرق بين فرق الهدى والضلالة، الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ، يحتمل أن يكون قوله: هذا يَوْمُ الدِّينِ من كلام الكفرة، بعضهم مع بعض، وأن يكون من كلام الملائكة لهم، وأن يكون يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ من كلام الكفرة، وما بعده كلام الملائكة، جواباً لهم. والله تعالى أعلم.
الإشارة: الإنسان فيه عالَمان، عالَم في غاية الضعف والخِسة، وهي بشريته الطينية، أصلها من ماء مهين.
وعالَم في غاية القوة والكمال، وهي روحانيته السماوية النورانية، فإذا حييت الروح بالعلم بالله، واستولت على البشرية، استيلاء النار على الفَحمة، أكسبتها القوة والشرف، وإذا ماتت الروح بالغفلة والجهل، واستولت عليه البشرية أكسبتها الضعف والذل، والعارف الكامل هو الذي ينزل كل شيء في محله، فينزل الضعف في ظاهره، والقوة في باطنه، فظاهره يمتد من الوجود بأسره، وباطنه يمُد الوجود بأسره. فمَن نظر إلى أصل ظاهره تواضع وعرف قدره، ولذلك قال سيدنا علي كرّم الله وجهه: ما لابن آدم والفخر، وأوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وفيما بينهما يحمل العذرة. هـ.