ثم بين الحق تعالى مآلهم، فقال:

[سورة يس (36) : الآيات 55 الى 59]

إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (56) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)

قلت: «سلام» : بدل من «ما» ، أو: خبر عن مضمر، أو: مبتدأ حُذف خبره، أو: من ذلك سلام، وهو أظهر ليكون عاماً، أي: ولهم كل ما يتمنون، كقوله: وَلَكُمْ فِيها مَا تَدَّعُونَ

«1» ومن جملة ذلك: سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ فيوقف على «ما يدَّعون» . و «قولاً» : منصوب على المصدر المحذوف، أي: يقال لهم «قولاً» ، وقيل:

على الاختصاص.

يقول الحق جلّ جلاله: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ- بضم الغين وسكونها «2» - أي: في شغل لا يوصف لِعظم بهجته وجماله. فالتنكير للتعظيم، وهو افتضاض الأبكار، على شط الأنهار، تحت الأشجار، أو سماع الأوتار في ضيافة الجبار. وعن أبي هريرة وابن عباس- رضى الله عنهما- قيل: يا رسول الله أَنُفْضِي إلى نسائنا في الجنة، كما نُفضي إليهن في الدنيا؟. قال: «نعم، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليُفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء» «3» وعن أبي أمامة: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يتناكح أهل الجنة؟ فقال: «نعم، بِذَكَرٍ لا يمَلُّ، وشهوة لا تنقطع، دحْماً دحْماً» «4» . قال في القاموس: دحمه- كمنعه: دفعُه شديداً. وعن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكاراً» «5» ، وفي رواية أبي الدرداء: «ليس في الجنة مَنِّي» ، وفي رواية: «بول أهل الجنة عرق يسيل تحت أقدامهم مِسكاً» «6» وعن إبراهيم النخعي: جماع ما شئت، ولا ولد. هـ. فإذا اشتهى الولد كان بلا وجع، فقد روى الحاكم والبيهقي عنه- عليه الصلاة والسلام-: «إنَّ الرجلَ مِنْ أهلِ الجنة ليولد له الولد، كما يشتهي، فيكون حمله وفصاله وشبابه في ساعة واحدة» . انظر البدور السافرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015