الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-، وعبد الرحمن بن عوف آخر مَن يدخلها من الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين. والغني الشاكر هو الذي يُعطي ولا يُبالي، ويتواضع للكبير والصغير، والوجيه والحقير، والفقير الصابر هو الذي يغتبط بفقره، ويكتمه عن غيره. وبالله التوفيق.

ثم ذكر حال مَن لم يشكر النعم، فقال:

[سورة سبإ (34) : الآيات 15 الى 17]

لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (17)

قلت: (لسبأ) فيه الصرف، بتأويل الحي، وعدمه، بتأويل القبيلة. و (مسكنهم) ، مَن قرأ بالإفراد وفتح الكاف على القياس في الاسم والمصدر، كمدخَل، ومَن كسره فلغة، والسماع في المصدر كمسجِد. و (جنتان) : بدل من (آية) أو: خبر عن مضمر، أي: هي جنتان. و (أُكل خَمْطٍ) «1» ، فمَن أضافه فإضافة الشيء إلى جنسه، كثوب خز، ومَن نوّنه قطعه عن الإضافة، وجعله عطف بيان. أو صفة، بتأويل خمط ببشيع.

يقول الحق جلّ جلاله: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ، سئل صلى الله عليه وسلم أرجلاً كان أو امرأة، أو أرضاً أو جبلاً أو واديا، فقال صلى الله عليه وسلم: «هو رجل من العرب، ولد عشرة من الولد، فتيامن ستةٌ، وتشاءم أربعةٌ: فالذين تيامنوا كثرة، فكندة، والأشعريون، والأزد، ومذجح، وأنمارُ، وحميرُ، فقال رجل: مَن أنمار يا رسول الله؟ قال: منهم خَثْعَمُ وبجيلة. والذي تشاءموا: عاملة، وجذام، ولخم، وغسان» «2» .

قلت: وسبأ هو ابن يشخب بن يعرب بن قحطان. واختلف في قحطان، فقيل: هو ابن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح. وقيل: هو أخو هود عليه السلام. وقيل: هو هود، بنفسه، وإن هودا هو ابن عبد الله بن رباح، لا ابن عابر، على الأصح. فهو على هذا القول ابن أرم بن سام. وقيل: قحطان من ولد إسماعيل، فهو ابن أيمن بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015