هانئ: خطبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتذرتُ إليه، فعَذَرَني، فأنزل الله هذه الآية، فلم أَحِلَ له لأني لم أُهاجر معه، كنت من الطُلَقَاءِ (?) .
و «مع» هنا: ليست للاقتران، بل لوجود الهجرة فقط، كقوله: أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ
(?) .
وَأحللنا لك امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ من غير مَهر ولا عقد، فهو منصوب بفعل يُفسره ما قبله، أو: عطف على ما سبقه، ولا يدفعه أن «التي» للاستقبال لأن المعنى بالإحلال: الإعلام بالحِلّ، أي:
أعلمناك حِلّ امرأة مؤمنة وهبت لك نفسها، ولا تطلب مهراً إن اتفق، ولذلك نكّرها. واختلف في اتفاق ذلك، والقائل به ذكر أربعاً: ميمونة بنت الحارث، حين جاءها الخاطب، قالت: البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجها. وزينب بنت خزيمة الأنصارية، أم المساكين، وتوفيت فى حياته صلى الله عليه وسلم، وأم شريك بنت جابر الأسدية، وقيل: أم شريك العامرية، قيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها، ولم يثبت ذلك. ذكره ابن عبد البر. وخولة بنت حكيم السُلَمية. ذكر البخاري عن عائشة أنها قالت: كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن. قال أبو نعيم:
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بها. قال السهيلي: فدلّ أنهن كن غير واحدة. والله أعلم. هـ. وقال ابن عباس: هو بيان حكم في المستقبل، ولم يكن عنده أحد منهن بالهبة، فانظره (?) .
وقرأ الحسن بفتح «أن» على حذف لام التعليل. وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه بغير «إن» أي: وأحللنا لك امرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها، أي: طلب نكاحها والرغبة فيها. وقيل: نكح واستنكح بمعنى واحد.
والشرط الثاني تقييد للأول، كأنه قال: أحللنا لك امرأة إن وهبت نفسها، وأنت تريد أن تستنكحها، وإرادته هي:
قبول [الهبة] (?) .
جعلنا ذلك خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، بل يجب عليهم المهر، تسمية أو فرضاً. وفيه إيذان بأنه مما خصّ به- عليه الصلاة والسلام- لشرف نبوته، وتقرير لاستحقاقه الكرامة. قال ابن جزي: وانظر كيف رجع من الغيبة إلى الخطاب ليخص المخاطب وحده. وقيل: إن «خالصة» يرجع إلى كل ما تقدم من النساء المباحات له