الأجانبُ منك على جانب، ولتكن صلتك للأقارب وصلةُ الرحم ليس لمقاربة الدار وتعاقب المزار، وليكن بموافقة القلوب، والمساعدة في حالتي المكروه والمحبوب.
أرْوَاحُنا في مكانٍ واحد، وإن كانت ... أشْبَاحُناَ بِشَآمٍ أوْ خُرَاسَانِ «1» . هـ.
ولمّا كان كل نبى أبا لأمته، أخذ عليهم العهد فى إرشادهم، ونصحهم، كما ينصح الأب ابنه، فقال:
وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (7) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (8)
يقول الحق جلّ جلاله: وَاذكر إِذْ أَخَذْنا حين أخذنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ بتبليغ الرسالة، والدعاء إلى الدين القيم، وإرشاد العباد ونصحهم. قيل: أخذه عليهم في عالم الذَّرِّ. قال أُبيّ بن كعب: لما أخرج الله الذرية، كانت الأنبياء فيهم مثل السُرُج، عليهم النور، فخُصُّوا بميثاقٍ وأخذ الرسالة والنبوة. وقال القشيري: أخذ الميثاق الأوَل وقت استخراج الذرية من صُلب آدم، عوندَ بعثة كل رسول، ونُبُوَّة كل نبيٍّ، أخذ ميثاقه، وذلك على لسان جبريل عليه السلام، ومنَ اختصه بإسماعه كَلاَمَهُ بلا واسطة ملك- كنبينا ليلة المعراج، وموسى- عليهما السلام- فأخذ الميثاق منهم بلا واسطة، وكان لنبينا- عليه الصلاة السلام- زيادة حال بأن كان مع سماع الخطاب كشف الرؤية. ثم أخذ المواثيق من العباد بقلوبهم وأسرارهم. هـ.
قال في الحاشية: والذي يظهر: أن أخذ الميثاق منهم مباشرة لا بوحي، وذلك في الغيب، ولذلك قدّم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه النور الأول قبل آدم، ثم انتقل إلى ظهره، وحينئذ، فأخذ الميثاق هنا غيبي، ولذلك قدّمه. وفي قوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ... «2» في عالم الظهور، فلذلك قدّم نوحاً، وثنَّى بنبينا لأن نوحاً أول أُولي العزم، ونبينا خاتمهم. والله أعلم. هـ. والحاصل: أن أخذ الميثاق كان مرتين في عالم الغيب وفي عالم الشهادة. وهل المراد به هنا الأول أو الثاني؟ قولان.