سورة السّجدة

مكية، وقيل: إلا قوله: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً «1» ، نزلت بالمدينة، وهى ثلاثون آية، أو: تسع وعشرون. ومناسبتها لما قبلها: قوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ... إلى آخر الآيات، فإنها كالاستدلال على قيام الساعة، التي خوّف بها فى ختم السورة بعد تقرير الرسالة. وقيل: المناسبة: هى ما بعد هذه من تبيين الرسالة، التي هى مستند ما ذكر قبلها من المعاد ودلائل التوحيد. وعن جابر أنه صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ: الم السجدة. وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ، ويقول: «هما مفضلتان على كل سورة من القرآن بسبعين حسنة، ومن قرأهما كتبت له سبعون حسنة، ومحى عنه سبعون سيئة» .

[سورة السجده (32) : الآيات 1 الى 3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الم (?) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (?) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَّآ أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)

قلت: (تنزيل) : إما خبر عن (الم) ، إن جُعِلَ اسماً للسورة، أو: خبر عن محذوف، أي: هذا تنزيل. أو: مبتدأ، خبره: (لا ريب فيه) . وعلى الأول (لا ريب) : خبر بعد خبر، و (من رب العالمين) : خبر ثالث. أو: خبر عن «تنزيل» ، و (لا ريب فيه) : معترض. والضمير في (فيه) : راجع إلى مضمون الجملة، كأنه قيل: لا ريب في ذلك، أي: كونه منزلاً من رب العالمين، و «أم» : منقطعة بمعنى: «بل» .

يقول الحق جلّ جلاله: ألم أيها المصطفى المقرب، هذا الذي تتلوه هو تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ، لأنه معجز للبشر، ومثله أبعد شيء عن الريب، وهو مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ لا محالة. أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، أي: اختلقه محمد من عنده، وهو إنكار لقولهم، وتعجيب منه لظهور أمره في عجزهم عن الإتيان بسورة منه. قال تعالى: بَلْ هُوَ الْحَقُّ الثابت مِنْ رَبِّكَ، ولم تفتره، كما زعموا تعنتاً وجهلاً، أنزله عليك لِتُنْذِرَ قَوْماً أي: العرب، ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ، بل طالت عليهم الفترة من زمن إسماعيل وعيسى- عليهما السلام- لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ إلى الصواب من الدين. والترجي مصروفٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ «2» مصروفاً إلى موسى وهارون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015