قلت: الضمير في (إنها) : للقصة، ومن قرأ «مثقال» : بالرفع ففاعِلُ كَانَ التامة، ومن قرأ بالنصب فخبرها، والضمير: للخطيئة أو الهيئة. وأنث «المثقال» لإضافته إلى الحبة.

يقول الحق جلّ جلاله: وقال لقمان لابنه، حين قال له: يا أبت: إن عَمِلْتُ بالخطيئة، حين لا يراني أحد، كيف يعلمها الله؟ فقال: يا بُنَيَّ إِنَّها، أي: القصة أو الخطيئة إِنْ تَكُ مِثْقالَ (?) حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أي: إن تك المعصية في الصغر والحقارة، مثقال حبةٍ من خَرْدَلٍ، أو: إن تقع مثال حَبَّةٍ من المعاصي فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ، أي: فتكن، مع صغرها، في أخفى مكان، أو في جبل. وقال ابن عباس: هي صخرة تحت الأَرَضين السبع، وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة الماء منها. هـ. قال السدي: خلق الله تعالى الأرض على حوت، والحوت في الماء، والماء على ظهر صَفَاةٍ- أي: صخرة- والصفاة على ظهر ملَكَ، والملك على صَخْرَة.

وهي الصخرة التي ذكر لقمان. ليست في السماء ولا في الأرض، والصخرة على الريح (?) . هـ.

أي: إن تقع المعصية في أخفى مكان يَأْتِ بِهَا اللَّهُ يوم القيامة فيحاسب عليها عاملها. إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ: يتوصل علمه إلى كل خفي، خَبِيرٌ: عالم بكنهه، أو: لطيف باستخراجها خبير بمستقرها.

يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ: أتقنها، وحافظ عليها تكميلاً لنفسك، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ تكميلاً لغيرك، وَاصْبِرْ عَلى مَآ أَصابَكَ في ذات الله تعالى، إذا أمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر فإن من فعل ذلك تعرض للأذى، أو: على ما أصابك من الشدائد والمحن فإنها تورث المنح والمنن. إِنَّ ذلِكَ الذي وصيتك به، مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي: مما عزمه الله من الأمور، أي: قَطَعَه قطع إيجاب وإلزام، أي: أمر به أمراً حتماً. وهو مصدر بمعنى المفعول، أي: من معزومات الأمور، أي: مقطوعاتها ومفروضاتها. وفيه دليل على أنَّ هذه الطاعات كانت مأموراً بها في سائر الأمم.

وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ أي: تُمله عنهم، ولا تولهم صفَحة خدك، كما يفعله المتكبرون. والتصعير: داء يصيب العير، فيلوى عُنُقَهُ منه. والمعنى: أَقْبِل على الناس بوجهك تواضعاً، ولا تُولهم شق وجهك وصفحته تكبرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015