مكية. وهى ثلاث وتسعون آية. وقيل: أقل. ومناسبتها لما قبلها: قوله: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ «1» إلى ما قرره من نفى تنزل الشياطين به، مع ما افتتح به السورة، من الإشارة إليه بقوله: تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ. ثم افتتح السورة برموز بينه وبين حبيبه، على عادته، فقال:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (?) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (?) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (?) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4)
أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)
يقول الحق جلّ جلاله: طس أي: يا طاهر يا سيد. قال ابن عباس: «هو اسم من أسماء الله تعالى» «2» ، أقسم به أن هذه السورة آياتها القرآن وكتاب مبين. قلت: ولعلها مختصرة من اسمه «اللطيف والسميع» . وقيل: إشارة إلى طهارة سر حبيبه. تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ، الإشارة إلى نفس السورة، وما في معنى الإشارة من معنى البُعد، مع قرب العهد بالمشار إليه، للإيذان ببُعد منزلته في الفضل والشرف، أي: تلك السورة الكريمة التي نتلوها عليك هي آيات القرآن، المعروف بعلو الشأن. وَآيات كِتابٍ عظيم الشأن مُبِينٍ مظهر بما في تضاعيفه من الحِكَم، والأحكام، وأحوال الآخرة، أو: مبين: مُفرق بين الرشد والغي، والحلال والحرام، أو: ظاهر الإعجاز، على أنه من:
أبان، بمعنى بان، وعطفه على القرآن كعطف إحدى الصفتين على الأخرى، نحو: هذا فعل السخي والجواد.
ونكّر الكتاب ليكون أفخم له. وقيل: إنما نكّر الكتاب وعرّفه في الحِجْر «3» ، وعرّف القرآن ونكره في الحِجْر لأن القرآن والكتاب اسمان علمان على المنزّل على محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفان له لأنه يُقرأ ويكتب، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بلفظ التنكير فهو الوصف. قاله النسفي.