والمشاهدة، والمعاينة. وجعل فيها سراجاً، أي: شمس العرفان لأهل الإحسان، وقمراً منيراً، وهو توحيد البرهان لأهل الإيمان. وهو الذي جعل ليل القبض ونهار البسط خِلْفةً، يخلف أحدهما الآخر، لمن أراد أن يذكر في ليل القبض، ويشكر في نهار البسط. والله تعالى أعلم.

ثم ذكر أهل الذّكر والشكر، فقال:

[سورة الفرقان (25) : الآيات 63 الى 67]

وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً (65) إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (66) وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (67)

قلت: و (عباد) : مبتدأ، و (الذين) وما بعده: خبر. وقيل: (أولئك يُجزون) . و (هوناً) : حال، أو: صفة، أي:

يمشون هينين، أو: مشياً هونا.

يقول الحق جلّ جلاله: وَعِبادُ الرَّحْمنِ أي: خواصه الذين يسجدون ويخضعون للرحمن، الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً أي: بسكينة وتواضع ووقار، قال الحسن: يمشون حُلَمَاء علماء مثل الأنبياء، لا يؤذون الذر، في سكون وتواضع وخشوع، وهو ضد المختال الفخور المَرِح، الذي يختال في مشيه. وقال ابن الحنفية: أصحاب وقار وعفة، لا يسفهون، وإن سفه عليهم حلَموا. و «الهَوْن» في اللغة: الرفق واللين. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «أحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا. وأبْغِض بَغِيضَكَ هونا ما، عسى أن يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا» «1» .

وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ أي: السفهاء بما يكرهون، قالُوا سَلاماً سداداً من القول، يَسلمون فيه من الإيذاء والإثم والخَنا. أو: سلمنا منكم سلاماً، أو: سلموا عليهم سلاماً، دليله قوله تعالى: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ «2» ، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015