قلت: ذكر في الحاشية وجوهاً من المناسبة، فقال: لمّا استطرد ذكر الفلك ناسب ذكر نوح إثره، لقوله: (اصْنَعِ الْفُلْكَ) ، وأيضاً: هو أبو البشر الثاني، فَذُكِرَ كما ذكر أولاً آدم، في ذكر خلق الإنسان، وأيضاً في ذكر نجاة المؤمنين وفلاحهم، فناسب صدر السورة، وهلاك الكافر وهو ضد المؤمن، كما صرح بذلك في قوله في آخرها: (إنه لا يفلح الكافرون) ، وفي النجاة في الفلك مناسبة للنعم المقررة قبل ذكره. هـ. (وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) : «إنْ» : مخففة، واسمها:
ضمير الشأن، واللام فارقة.
يقول الحق جلّ جلاله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا: وتالله لقد أرسلنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ، وقد مرّ في الأعراف نسبه وكيفية بعثته (?) ، فَقالَ لقومه حين أُرسل إليهم، متعطفاً عليهم، ومستميلاً لهم إلى الحق: يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده إذ العبادة مع الإشراك لا عبرة بها، فلذلك لم يقيدها هنا، وقيدها في هود، بقوله: أَنْ لاَّ تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ (?) ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أي: مالكم فى الوجود إله يستحق أن يُعبد غيره، فالرفع على المحل، والجر على اللفظ. أَفَلا تَتَّقُونَ أفلا تخافون عقوبة الله، الذي هو ربكم وخالقكم، إذا عبدتم غيره مما ليس من استحقاق العبادة في شيء، أو: أفلا تخافون عذابه الذي يستوجبه ما أنتم عليه، كما يُفصح عنه قوله تعالى: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (?) .