- عليه الصلاة والسلام- حين نسبوا ذلك له، فسلّاه الله تعالى بقوله:

[سورة الحج (22) : الآيات 52 الى 54]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)

قال ابن عباس وغيره من المفسرين الأولين- رضى الله عنهم-: لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم مباعدة قومه وتوليهم، وشق عليه ذلك تمنى أن يأتيه من الله تعالى ما يُقارب بينه وبين قومه، فجلس يومًا في جمع لهم، فنزلت سوة النجم، فقرأها عليهم، فلما بلغ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى «1»

، ألقى الشيطان على لسانه «2»

:

تلك الغرانيق العُلى وإنْ شفاعتهم لترجى هـ. قلت: بلى، ألقى ذلك في مسامعهم فقط، ولم ينطق بذلك- عليه الصلاة والسلام- فلما سمعت ذلك قريش فرحوا، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة، وسجد المسلمون والمشركون، إلا الوليد بن المغيرة، رفع حفنة من التراب وسجد عليه، فقالت قريش: ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، وقالوا: قد عرفنا أن الله يُحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، فإذا جعل محمد لها نصيبًا فنحن معه، فلما أمسى أتاه جبريل. فقال يا محمد ما صنعتَ فقد تلوتَ على الناس ما لم آتك به؟ فحزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا، فنزلت الآية تسلية له عليه الصلاة والسلام.

فقال جلّ جلاله: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ، يُوحى إليه بشرع، ويُؤمر بالتبليغِ، وَلا نَبِيٍّ يُوحى إليه، ولم يُؤمر بالتبليغ، فالرسول مكلف بغيره، والنبي مقتصر على نفسه، أو الرسول: مَن بُعث بشرع جديد، والنبي: مَنْ قرر شريعة سابقة، ولذلك شبه صلى الله عليه وسلم علماء أمته بهم، فالنبي أعم من الرسول، وقد سئل- عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015