روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ أيُّوبَ نبي الله لَبث به بَلاؤُه ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَة، فَرَفَضه الْقَرِيبُ والبَعِيدُ (?) » . الحديث، وقال كعب: سبع سنين، وقيل: ثلاث عشرة سنة، وما قاله- عليه الصلاة والسّلام- إن ثبت، هو الصحيح. وقال الحسن: مكث أيوب مطرودًا على كناسة، في مزبلة بني إسرائيل سبع سنين وشهرًا، يختلف فيه الدود. ويمكن الجمع بين الأقوال بأن الشدة كانت سبعًا والباقي مقدمات لها.
رُوِيَ أن امرأته قالت له يومًا: لو دعوتَ الله عزّ وجلّ؟ فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ قالت: ثمانين سنة. فقال:
إني أستحيي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي. هـ. ورُوي أن الدود أكل جميع جسده حتى بقي عظامًا نخرة، وهو مع ذلك لا يفتر عن ذكر الله وحمده وشكره، فصرخ إبليس صرخة، وقال: أعياني هذا العبد الذي سألتُ ربي أن يسلطنى عليه، فقالت له العفاريت: أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة، ما أتيته إلا من قبل امرأته، فتمثل لها بصورة رجل طيب، وفي رواية الحسن: في هيئة ليست كهيئة بني آدم، في أحسن صورة، فقال لها: أين بعلك يا أمة الله؟ فقالت: هو ذاك، يحك قروحه، ويتردد الدود في جسده، فقال لها: أنا إله الأرض الذي صنعتُ بصاحبك ما صنعت لأنه عبد إله السماء وتركني، فلو سجد لي سجدة واحدة لرددت لكما ما كان لكما.
وقال وهب: قال لها: لو أكل طعامًا ولم يسمّ عليه لعُوفيَ من البلاء، فأخبرت أيوب، فقال: أتاك عدوُ الله ليفتنك عن دينك، ثم أقسم، إن عافاه الله، ليضربنها مائة ضربة. ثم حلف لا يأكل لها طعامًا، فبقي مهملاً لا يأتي إليه أحد، وقال عند ذلك: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) من طمع إبليس في سجودي له، (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، فقيل له: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) فركض، فنبعت عين ماء، فاغتسل منها، فلم يبق من دائه شيء، وسقطت الدود من جسده، وعاد شبابه وجماله. ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى، فشرب منها، فلم يبقَ في جوفه داء إلا خرج، وكانت امرأته «رحمة» حين حلف، تركته مدة، ثم ندمت وعادت، فوجدته في أحسن هيئة، فلم تعرفه، فقالت له: أين الرجل المبتلى الذي كان هنا؟ قال: أنا هو، شفاني الله، ثم عرفته بضحكه، فتعانقا، ثم أمره اللهُ تعالى أن يأخذ جماعة من القضبان فيضربها ضربة واحدة ليبرّ في يمينه. هـ. (?) .