لكن لا يتصدى للوعظ إلا من له نور يمشي به في الناس، فيسبقه نورُ قلبه إلى القلوب المستمعة، فيقع كلامهم في قلوب السامعين. قال في الحِكَم: «تسبق أنوارُ الحكماء أقوالَهم، فحيثما صار التنوير وصل التعبير» . هذا النور هو نور المعرفة الذي هي مقام الفناء، ويشترط فيه أيضًا: أن يكون مأذونًا له في الكلام من شيخ كامل، أو وحي إلهامي حقيقي، فحينئذ يقع كلامه في مسامع الخلق. وفي الحكم: «مَن أُذن له في التعبير حسنت في مسامع الخلق عبارته، وجليت إليهم إشارته» .
وقال أيضًا: «ربما برزت الحقائق مكسوفة الأنوار، إذا لم يؤذن لك فيها بالإظهار» . وفي أمثال هؤلاء المتصدين للوعظ والتذكير ورد الخبر القدسي: «إنَّ أودَّ الأوِدَّاءِ إليَّ من يُحببني إلى عبادي، ويُحبب عبادي إليّ، ويمشُون في الأرضِ بالنَّصيِحَة» .. جعلنا الله من خواصهم بمنِّه وكرمه آمين. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلّم تسليماً.