باطل مخالف لهما. وإذا قلنا المقتسمين: هم كفار قريش، حيث اقتسموا أبواب مكة، فقد جعلوا القرآن عضين إجزاء متفرقة، فقد قسموه إلى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين، أو جعلوه بهتاناً متعدداً، على تفسير العضة بالبهت.
وفي الحديث: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة» »
أي: الباهتة، والمستبهتة: الطالبة له.
قال تعالى في وعيد المقتسمين: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ من التقسيم والتكذيب، أو عن كل ما عملوه من الكفر والمعاصي، وفي البخاري: «لنسألنهم عن لا إله إلا الله» . فإن قيل: كيف يجمع بين هذا وبين قوله: فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ؟ (?) فالجواب: أن السؤال المثبت هو على وجه الحساب والتوبيخ، والسؤال المنفي هو على وجه الاستفهام المحض لأن الله تعالى يعلم الأعمال، فلا يحتاج إلى سؤال. وقيل: في القيامة مواطن وخوارق، فموطن يقع فيه السؤال، وموطن يذهب بهم إلى النار بغير سؤال.
قال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ: فاجهر، وصرح به، وأنْفِذْه، من صدع بالحجة:
إذا تكلم بها جهاراً. أو: فَرِّقْ، بما تؤمر به، بين الحق والباطل، وأصله: الشق والإبانة، وما: مصدرية، أو موصولة، والعائد محذوف، أي: بما تؤمر به من الشرائع. وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فلا تلتفت إلى ما يقولون، ولا يمنعك ذلك من تبليغ الوحي والصدع به وإظهاره.
إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بك، وبما أنزلنا إليك بأن أهلكنا كل واحد منهم بمصيبة تخصه، من غير سعى من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. وكانوا خمسة من أشراف قريش: الوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل، وعدي بن قيس، والأسود بن المطلب، والأسود بن يغوث، كانوا يبالغون فى إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، والاستهزاء به، فقال جبريلُ للنبى صلى الله عليه وسلم:
«أمرتُ بأن أكفيكهم» فأومأ إلى ساق الوليد فمرَّ بنبَّالٍ فتعلق بثوبه سهم، فلم ينعطف لأخذه، تعظماً، فأصاب عرقاً في عقبه فمات. وقيل: خدش بأسفل رجله فمات من تلك الخدشة. وأومأ إلى أخمص العاص فدخلت فيها شوكة، فانتفخت حتى صارت كالرحى، فمات. وأشار إلى أنف الحارث فامتخط قيحاً فمات. وأومأ إلى الأسود ابن عبد يغوث، وهو قاعد في أصل شجرة، فجعل ينطح رأسه بالشجرة، ويضرب وجهه بالشوك حتى مات. وقيل:
استسقى بطنه فمات، ولعله جمع بينهما. وأومأ إلى عيني الأسود بن المطلب فعمي. وفي السيرة، بدل عدي بن قيس، الحارث بن الطلاطلة، وأن جبريل أشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله (?) .