[المجلد الثالث]
مكية إلى قوله: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، والباقي مدنى، وقيل: مدنية كلها. وآيها:
خمس وأربعون. ومناسبتها لما قبلها: قوله: ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى، مع قوله تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ فإنه كالدليل على كونه غير مفترى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ المر....
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (1)
قيل: معناه: أنا أعلم، الله أعلم وأرى. وقيل: مختصرة من لفظ المرسل، على عادة رمز المحبين. أو إشارة إلى العوالم الأربعة: فالألف لوحدة الجبروت، واللام لتدفق أنوار الملكوت، والميم لحس عالم الملك، والراء لسريان أمداد الرحموت.
قال تعالى:
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ ...
قلت: تِلْكَ: مبتدأ، وآياتُ: خبر، والَّذِي أُنْزِلَ: مبتدأ، والْحَقُّ: خبر، والجملة الثانية كالحجة على الجملة الأولى.
يقول الحق جلّ جلاله: أيها المرسل المعظم، والحبيب المفخم، تِلْكَ الآيات التي تتلوها على الناس هي آياتُ الْكِتابِ المنزل من حضرة قدسنا. وَالكتاب أي: القرآن الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هو الْحَقُّ الذي لا ريب فيه، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ لإخلالهم بالنظر والتأمل فيه.
الإشارة: لَوْ صَفَت القلوب من الأكدار، ومُلئت بالمعارف والأنوار لفهمتْ أسرار الكتاب، وجواهر معانيه، ولأدركت معرفة الحق من كلامه لأن الكلام صفة المتكلم، ولكن أكثر الناس اشتغلوا بمتابعة الهوى، فصُرفوا عن فهم الكلام، وفاتهم معرفة المتكلم، ولذلك لم يكتف الحق تعالى بآيات الكتاب حتى ذكر دلائل توحيده وكمال قدرته، فقال:
[سورة الرعد (13) : آية 2]
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)