الحسنات خاص في السيئات لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما اجتنَبت الكَبَائِرُ» ، ثم قال: وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «الجُمُعَةُ إلى الجُمعَةِ كفَّارَة، والصَّلوَاتُ الخَمسُ، وَرَمَضانُ إِلى رَمَضانَ كفاره لِمَا بينَهُما ما اجتُنِبت الكبائر» (?) انظر تمامه في الحاشية.
قال ابن جزي: رُوي أن رجلاً قََبّل امراة، [قلتُ: هو نبهان التمار] ، فذكر ذلك للنبى صلّى الله عليه وسلّم وصلَّى معه الصلاة، فنزلت الآية، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أين السائل؟» فقال: ها أنا ذا، فقال: «قد غفر اللَّهُ لَكَ بِصَلاتِكَ مَعَنا» . فقال الرجل: أَلِيَ خاصَّةً، أو للمسلمين عامة؟ فقال: «للمسلمين عَامَّةً» (?) . والآية على هذا مدنية. وقيل: إن الآية كانت قبل ذلك، وذكرها النبي صلى الله عليه وسلّم للرجل مستدلاً بها. والآية على هذا مكية كسائر السورة، وإنما تُذهب الحسناتُ- عند الجمهور- الصغائر إذا اجتنبت الكبائر. هـ. قلت: وقيل: تكفر مطلقاً اجتُنِبَت الكبائر أم لا، وهو الظاهر، لأنه إذا حصل اجتناب الكبائر كفرت بلا سبب لقوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ.... (?) الآية. وقوله عليه الصلاة والسلام: «ما اجتنبت الكبائر» . معناه: أن الصلوات والجمعة مكفرة لما عدا الكبائر.
والحاصل: أن من اجتنب الكبائر كفرت عنه الصغائر بلا سبب لنص الآية. ومن ارتكب الكبائر والصغائر وصلى، كفرت الصغائر دون الكبائر، وبهذا تتفق الآية مع الحديث. والله تعالى أعلم.
قال ابن عطية في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى ... (?) الآية: الشهادة ماحية لكل ذنب إلا لمظالم العباد. وقد روي: «أن الله يتحمل عن الشهيد مظالم العباد، ويجازيهم عنه» . ختم الله لنا بالحسنى. انتهى.
ذلِكَ أي: ما تقدّم من وعظ ووعد ووعيد، وأمر الاستقامة، أو القرآن كله، ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ: عظة للمتقين. وخص الذاكرين لمزيد انتفاعهم بالوعظ، لصقالة قلوبهم. وفي الخبر: «لكل شيء مصقلة، ومصقلة القلوب ذكر الله» . وَاصْبِرْ على مشاق الاستقامة، ودوامها فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وهم: أهل الاستقامة ظاهراً وباطناً.
الإشارة: الاستقامة على ثلاثة أقسام: استقامة الجوارح، واستقامة القلوب، واستقامة الأرواح والأسرار.
أما استقامة الجوارح فتحصل بكمال التقوى، وتحقيق المتابعة للسنة المحمدية. وأما استقامة القلوب