بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
الْفِيلُ أَكْبَرُ مَا رَأَيْنَاهُ مِنْ وُحُوشِ الْبَرِّ يُجْلَبُ إِلَى ملك مصر، ولم تره بِالْأَنْدَلُسِ بِلَادِنَا، وَيُجْمَعُ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْيَالٍ، وَفِي الْكَثْرَةِ عَلَى فُيُولٍ وَفِيَلَةٍ. الْأَبَابِيلُ: الْجَمَاعَاتُ تَجِيءُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي ... إِذْ سَالَتِ الْأَرْضُ بِالْجُرْدِ الْأَبَابِيلِ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
طريق وخبار رِوَاءٌ أُصُولُهُ ... عَلَيْهِ أَبَابِيلٌ مِنَ الطَّيْرِ تَنْعَبُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، فَيَكُونُ مِثْلَ عَبَابِيدَ وَبَيَادِيرَ. وَقِيلَ:
وَاحِدُهُ إِبُّولٌ مِثْلُ عِجُّولٍ، وَقِيلَ: إِبِّيلٌ مِثْلُ سكين، وقيل: أبال، وَذَكَرَ الرَّقَاشِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً، أَنَّهُ سَمِعَ فِي وَاحِدِهِ إِبَّالَةٌ وَحَكَى الْفَرَّاءُ: إِبَالَةٌ مُخَفَّفًا.
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا عَذَابَ الْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ، أَخْبَرَ هُنَا بِعَذَابِ نَاسٍ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَذْكُرُ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ صَرَفَ