بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (?) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8)
التِّينُ: هُوَ الْفَاكِهَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَاسْمُ جَبَلٍ، وَتَأْتِي أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهِ.
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَطُورِ سِينِينَ، وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: مَدَنِيَّةٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا مَنْ كَمَّلَهُ اللَّهُ خَلْقًا وَخُلُقًا وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْعَالَمِ، ذَكَرَ هُنَا حَالَةَ مَنْ يُعَادِيهِ، وَأَنَّهُ يَرُدُّهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَقْسَمَ تَعَالَى بِمَا أَقْسَمَ بِهِ أَنَّهُ خَلَقَهُ مُهَيَّأً لِقَبُولِ الْحَقِّ، ثُمَّ نَقَلَهُ كَمَا أَرَادَ إِلَى الْحَالَةِ السَّافِلَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ هُمَا الْمَشْهُورَانِ بِهَذَا الِاسْمِ،
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَدْحُ التِّينِ وَأَنَّهَا تَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ وَتَنْفَعُ مِنَ النِّقْرِسِ»
، وَقَالَ تَعَالَى: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ «1» ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ. وَقَالَ كَعْبٌ وَعِكْرِمَةُ: أَقْسَمَ تَعَالَى بِمَنَابِتِهِمَا، فَإِنَّ التِّينَ يَنْبُتُ كَثِيرًا بِدِمَشْقَ، وَالزَّيْتُونَ بِإِيلِيَّا، فَأَقْسَمَ بِالْأَرَضِينَ. وَقَالَ قتادة: هما جبلان