وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَفَرُّوا إِذَا مَا الْحَرْبُ ثَارَ غُبَارُهَا ... وبج بِهَا الْيَوْمُ الشَّدِيدُ الْقُمَاطِرُ
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْقَمْطَرِيرُ: الَّذِي يَعِيشُ حَتَّى يَجْتَمِعَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَيُقَالُ: اقْمَطَرَّتِ النَّاقَةُ إِذَا رَفَعَتْ ذَنَبَهَا وَجَمَعَتْ قُطْرَيْهَا وَرَمَتْ بِأَنْفِهَا، فَاشْتَقَّهُ مِنَ الْقَطْرِ وَجَعَلَ الْمِيمَ زَائِدَةً، وَقَالَ أَسَدُ بْنُ نَاعِصَةَ:
وَاصْطَلَيْتُ الْحُرُوبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ... بِأُسْدِ الشَّرِّ قَمْطَرِيرِ الصَّبَاحِ
وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْوَزْنِ، وَأَكْثَرُ النُّحَاةِ لَا يُثْبِتُ افْمَعَلَّ فِي أَوْزَانِ الْأَفْعَالِ. الزَّمْهَرِيرُ:
أَشَدُّ الْبَرْدِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الْقَمَرُ بِلُغَةِ طَيٍّ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
وَلَيْلَةٍ ظَلَامُهَا قَدِ اعْتَكَرْ ... قَطَعْتُهَا وَالزَّمْهَرِيرُ مَا زَهَرْ
الْقَارُورَةُ: إِنَاءٌ رَقِيقٌ صَافٍ تُوضَعُ فِيهِ الْأَشْرِبَةُ، قِيلَ: وَيَكُونُ مِنَ الزُّجَاجِ. الزَّنْجَبِيلُ، قَالَ الدِّينَوَرِيُّ: نَبْتٌ فِي أَرْضِ عُمَانَ عُرُوقٌ تَسْرِي وَلَيْسَ بِشَجَرٍ، يُؤْكَلُ رَطْبًا، وَأَجْوَدُهُ مَا يُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ الصِّينِ، كَانَتِ الْعَرَبُ تُحِبُّهُ لِأَنَّهُ يُوجِبُ لَذْعًا فِي اللِّسَانِ إِذَا مُزِجَ بِالشَّرَابِ فَيَتَلَذَّذُونَ بِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّ جَنْبًا مِنَ الزَّنْجَبِيلِ بَاتَ ... بِفِيهَا وَارِيًا مَسْتُورًا
وَقَالَ الْمُسَيِّبُ بْنُ عَلَسٍ:
وكأن طعم الزنجبيل بِهِ إِذَا ذُقْتَهُ وَسُلَافَةَ الْخَمْرِ السَّلْسَبِيلُ وَالسَّلْسَلُ وَالسَّلْسَالُ: مَا كَانَ مِنَ الشَّرَابِ غَايَةً فِي السَّلَاسَةِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: لَمْ أَسْمَعِ السَّلْسَبِيلَ إِلَّا فِي الْقُرْآنِ. ثَمَّ ظَرْفٌ مَكَانٍ لِلْبُعْدِ.
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً، إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً، إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً، إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً، إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً، عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً، وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً، إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً، فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً، وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً، مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً، وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا.