وَقِيلَ: كِنَايَةٌ عَنْ طَهَارَةِ الْعَمَلِ، الْمَعْنَى: وَعَمَلَكَ فَأَصْلِحْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ خَبِيثَ الْعَمَلِ قَالُوا: فُلَانٌ خَبِيثُ الثِّيَابِ وَإِذَا كَانَ حَسَنَ الْعَمَلِ قَالُوا: فُلَانٌ طَاهِرٌ الثِّيَابِ، وَنَحْوُ هَذَا عَنِ السُّدِّيُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لاهم إِنَّ عَامِرَ بْنَ جَهْمِ ... أَوْ ذَمَّ حَجًّا فِي ثِيَابٍ دُسْمِ
أَيْ: دَنَّسَهُ بِالْمَعَاصِي، وَقِيلَ: كَنَّى عَنِ النَّفْسِ بِالثِّيَابِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ وَقَالَ آخَرُ:
ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طُهَارَى نَقِيَّةٌ ... وَأَوْجُهُهُمْ بِيضٌ سَافِرٌ غِرَّانِ
أَيْ: أَنْفُسُهُمْ. وَقِيلَ: كَنَّى بِهَا عَنِ الْجِسْمِ. قَالَتْ لَيْلَى وَقَدْ ذَكَرَتْ إِبِلًا:
رَمَوْهَا بِأَثْوَابٍ خِفَافٍ فَلَا نَرَى ... لَهَا شَبَهًا إِلَّا النَّعَامَ الْمُنَفَّرَا
أَيْ: رَكِبُوهَا فَرَمَوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ. وَقِيلَ: كِنَايَةٌ عَنِ الْأَهْلِ، قَالَ تَعَالَى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ (?) ، وَالتَّطَهُّرُ فِيهِنَّ اخْتِيَارُ المؤمنات العفائف. وقيل: ووطئهن فِي الْقُبُلِ لَا فِي الدُّبُرِ، فِي الطُّهْرِ لَا فِي الْحَيْضِ، حَكَاهُ ابْنُ بَحْرٍ. وَقِيلَ: كِنَايَةٌ عَنِ الْخُلُقِ، أَيْ وَخُلُقَكَ فَحَسِّنْ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَالْقُرْطُبِيُّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَيَحْيَى مَا يُلَائِمُ سوء خُلْقٍ ... وَيَحْيَى طَاهِرُ الْأَثْوَابِ حُرُّ
أَيْ: حَسَنُ الْأَخْلَاقِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَالرِّجْزَ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّلَمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو شَيْبَةَ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ وَثَّابٍ وَقَتَادَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْأَعْرَجُ وَحَفْصٌ: بِضَمِّهَا، فَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ، يُرَادُ بِهِمَا الْأَصْنَامُ وَالْأَوْثَانُ.
وَقِيلَ: الْكَسْرُ لِلْبَيْنِ وَالنَّقَائِصِ وَالْفُجُورِ، وَالضَّمُّ لِصَنَمَيْنِ أَسَافٌ وَنَائِلَةُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ: لِلْأَصْنَامِ عُمُومًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرُّجْزُ: السُّخْطُ، أَيِ اهْجُرْ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ، وَالْمَعْنَى فِي الْأَمْرِ: اثْبُتْ وَدُمْ عَلَى هَجْرِهِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: الرُّجْزُ: الْإِثْمُ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: الْعَذَابُ، أَيِ اهْجُرْ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلا تَمْنُنْ، بِفَكِّ التَّضْعِيفِ وَالْحَسَنُ وَأَبُو السَّمَّالِ: بِشَدِّ النُّونِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: لَا تُعْطِ عَطَاءً لِتُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ، كَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَنَّ إذا أعطى. قال