يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً، فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً.
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ.
قِيلَ: وَسَبَبُ نُزُولِهَا طَلَاقُ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ، قَالَهُ قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: طَلَاقُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقِيلَ: فَعَلَ نَاسٌ مِثْلَ فِعْلِهِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العاصي، وعمرو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وعتبة بْنُ غَزْوَانَ، فَنَزَلَتْ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَمْثَلُ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَنَّهُ بَيَانٌ لِشَرْعٍ مُبْتَدَأٍ.
وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْفِتْنَةَ بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ، أَشَارَ إِلَى الْفِتْنَةِ بِالنِّسَاءِ، وَأَنَّهُنَّ قَدْ يُعَرِّضْنَ الرِّجَالَ لِلْفِتْنَةِ حَتَّى لَا يَجِدَ مُخَلِّصًا مِنْهَا إِلَّا بِالطَّلَاقِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْهُنَّ بِالْوَجْهِ الْجَمِيلِ، بِأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُنَّ اتِّصَالٌ، لَا بِطَلَبِ ولد ولا حمل.