الْوَارِدِ يَرْتَفِعُ إِلَى فَوْقٍ فَيَتَّسِعُ الْمَوْضِعُ. أُمِرُوا أَوَّلًا بِالتَّفَسُّحِ، ثُمَّ ثَانِيًا بِامْتِثَالِ الْأَمْرِ فِيهِ إِذَا ائْتَمَرُوا. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: مَعْنَاهُ: إِذَا دُعُوا إِلَى قِتَالٍ وَصَلَاةٍ أَوْ طَاعَةٍ نَهَضُوا.
وَقِيلَ: إِذَا دُعُوا إِلَى الْقِيَامِ عَنْ مَجْلِسِ الرسول صلى الله عليه وَسَلَّمَ نَهَضُوا، إِذْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَحْيَانًا يُؤْثِرُ الِانْفِرَادَ فِي أَمْرِ الْإِسْلَامِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ عَامِرٍ وَنَافِعٌ وَحَفْصٌ: بِضَمِّ السِّينِ فِي اللَّفْظَيْنِ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَبَاقِي السَّبْعَةِ: بِكَسْرِهَا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَعْطُوفٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا، وَالْعَطْفُ مُشْعِرٌ بِالتَّغَايُرِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ، وَالْمَعْنَى: يَرْفَعِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْعُلَمَاءَ دَرَجَاتٍ، فَالْوَصْفَانِ لِذَاتٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: مِنْكُمْ، وَانْتَصَبَ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ: وَيَخُصَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، فَلِلْمُؤْمِنِينَ رفع، وللعلماء درجات.
وَقَرَأَ عَيَّاشُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو خَبِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتَ، وَالْجُمْهُورُ بِالتَّاءِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ، اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ، لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ، يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ، اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ، كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ، لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ: اسْتِعَارَةٌ، وَالْمَعْنَى: قَبْلَ نَجْوَاكُمْ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَغْفَالِهِمْ كَثُرَتْ مُنَاجَاتُهُمْ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي غَيْرِ جاحة إِلَّا