وَتَقْدِيرُهُ أَنَّ يَوْمَ مَنْصُوبٌ بِالْفَوْزِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ قَدْ وُصِفَ قَبْلَ أَخْذِ مُتَعَلِّقَاتِهِ، فَلَا يَجُوزُ إِعْمَالُهُ. فَلَوْ أَعْمَلَ وَصْفَهُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ، لَجَازَ، أَيِ الْفَوْزُ الَّذِي عَظُمَ، أَيْ قَدْرُهُ يَوْمَ يَقُولُ.

انْظُرُونا: أَيِ انْتَظِرُونَا، لِأَنَّهُمْ لَمَّا سَبَقُوكُمْ إِلَى الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَقَدْ طُفِئَتْ أَنْوَارُهُمْ، قَالُوا ذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: انْظُرُونا: انْتَظِرُونَا، لِأَنَّهُمْ يُسْرَعُ بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ كَالْبُرُوقِ الْخَاطِفَةِ عَلَى رِكَابٍ تُذَفُّ بِهِمْ وَهَؤُلَاءِ مُشَاةٌ، أَوِ انْظُرُوا إِلَيْنَا، لِأَنَّهُمْ إذا انظروا إِلَيْهِمُ اسْتَقْبَلُوهُمْ بِوُجُوهِهِمْ وَالنُّورُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَيَسْتَضِيئُونَ بِهِ. انْتَهَى. فَجُعِلَ انْظُرُونَا بِمَعْنَى انْظُرُوا إِلَيْنَا، وَلَا يَتَعَدَّى النَّظَرُ هَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِلَّا بإلى لَا بِنَفَسِهِ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ فِي الشِّعْرِ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَحَمْزَةُ: أَنْظِرُونَا مِنْ أَنْظَرَ رُبَاعِيًّا، أَيْ أَخِّرُونَا، أَيِ اجْعَلُونَا فِي آخِرِكُمْ، وَلَا تَسْبِقُونَا بِحَيْثُ تُفَوِّتُونَنَا، وَلَا نَلْحَقُ بِكُمْ.

نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ: أَيْ نُصِبْ مِنْهُ حَتَّى نَسْتَضِيءَ بِهِ. وَيُقَالُ: اقْتَبَسَ الرَّجُلُ وَاسْتَقْبَسَ:

أَخَذَ مِنْ نَارِ غَيْرِهِ قَبَسًا. قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ: الْقَائِلُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوِ الْمَلَائِكَةُ. وَالظَّاهِرُ أن وَراءَكُمْ معمول لارجعوا. وَقِيلَ: لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى ارْجِعُوا، كَقَوْلِهِمْ: وَرَاءَكَ أَوْسَعُ لَكَ، أَيِ ارْجِعْ تَجِدْ مَكَانًا أَوْسَعَ لَكَ. وَارْجِعُوا أَمْرُ تَوْبِيخٍ وَطَرْدٍ، أَيِ ارْجِعُوا إِلَى الْمَوْقِفِ حَيْثُ أُعْطِينَا الْفَوْزَ فَالْتَمِسُوهُ هُنَاكَ، أَوِ ارْجِعُوا إِلَى الدُّنْيَا وَالْتَمِسُوا نُورًا، أَيْ بِتَحْصِيلِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ، أَوْ تَنَحَّوْا عَنَّا، فَالْتَمِسُوا نُوراً غَيْرَ هَذَا فَلَا سَبِيلَ لَكُمْ إِلَى الِاقْتِبَاسِ مِنْهُ. وَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَا نُورَ وَرَاءَهُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ إِقْنَاطٌ لَهُمْ.

فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ: أَيْ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، بِسُورٍ: بِحَاجِزٍ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ:

هُوَ الْأَعْرَافُ. وَقِيلَ: حَاجِزٌ غَيْرُهُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَضُرِبَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، أَيِ اللَّهُ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا السُّورَ هُوَ الْجِدَارُ الشَّرْقِيُّ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ. وَالسُّورُ هُوَ الْحَاجِزُ الدَّائِرُ عَلَى الْمَدِينَةِ لِلْحِفْظِ مِنْ عَدُوٍّ. وَالظَّاهِرُ فِي بَاطِنِهِ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ مِنْهُ عَلَى الْبَابِ لِقُرْبِهِ. وَقِيلَ:

عَلَى السُّورِ، وَبَاطِنُهُ الشِّقُّ الَّذِي لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَظَاهِرُهُ مَا يُدَانِيهِ مِنْ قِبَلِهِ مِنْ جِهَتِهِ الْعَذَابُ.

يُنادُونَهُمْ: اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ، أَيْ يُنَادُونَ الْمُنَافِقُونَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ:

أَيْ فِي الظَّاهِرِ، قالُوا بَلى: أَيْ كُنْتُمْ مَعَنَا فِي الظَّاهِرِ، وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ: أَيْ عَرَّضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لِلْفِتْنَةِ بِنِفَاقِكُمْ، وَتَرَبَّصْتُمْ أَيْ بِإِيمَانِكُمْ حَتَّى وَافَيْتُمْ عَلَى الْكُفْرِ، أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015