وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ وَجَمَاعَةٌ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا، كَالْعَاقِبَةِ، وخائِنَةَ الْأَعْيُنِ، أَيْ لَيْسَ لَهَا كَشْفٌ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ حَالٌ كَاشِفَةٌ. أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ. وَهُوَ الْقُرْآنُ، تَعْجَبُونَ فَتُنْكِرُونَ، وَتَضْحَكُونَ مُسْتَهْزِئِينَ، وَلا تَبْكُونَ جَزَعًا مِنْ وَعِيدِهِ. وَأَنْتُمْ سامِدُونَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: مُعْرِضُونَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ:
لَاهُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: غَافِلُونَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: مُسْتَكْبِرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَاهُونَ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: جَامِدُونَ، وَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ غَنُّوا تَشَاغُلًا عَنْهُ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُرَ ضَاحِكًا بَعْدَ نُزُولِهَا.
فَاسْجُدُوا: أَيْ صَلُّوا لَهُ، وَاعْبُدُوا: أَيْ أَفْرِدُوهُ بِالْعِبَادَةِ، وَلَا تَعْبُدُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ وَالشِّعْرَى وَغَيْرَهَا مِنَ الْأَصْنَامِ.
وَخَرَّجَ الْبَغَوِيُّ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِيهَا السَّجْدَةُ النَّجْمُ، فَسَجَدَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَالرَّجُلُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَجَدُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ: تَضْحَكُونَ بِغَيْرِ وَاوٍ.
وَقَرَأَ الْحَسَنُ: تُعْجِبُونَ تُضْحِكُونَ، بِغَيْرِ وَاوٍ وَبِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَالْحَاءِ. وَفِي قَوْلِهِ:
وَلا تَبْكُونَ، حَضٌّ عَلَى الْبُكَاءِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ. وَالسُّجُودُ هُنَا عِنْدَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَوَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ، وَلَيْسَ يَرَاهَا مَالِكٌ هُنَا.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ قَرَأَ بِهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَسْجُدْ
، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.