الْكَعْبَةِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ، وَالضَّرِيحُ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ، قَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ مَعْمُورٌ، وَفِي كُلِّ أَرْضٍ كَذَلِكَ.
وَسَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: بَيْتٌ فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ: الْكَعْبَةُ، يُعَمِّرُهُ اللَّهُ كُلَّ سَنَةٍ بِسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، فَإِنْ عَجَزَ مِنَ النَّاسِ أَتَمَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ. وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ: السَّمَاءِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْعَرْشُ، وَهُوَ سَقْفُ الْجَنَّةِ.
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَشِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ وَالضَّحَّاكُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْأَخْفَشُ: هُوَ الْبَحْرُ الْمُوقَدُ نَارًا.
وَرُوِيَ أَنَّ الْبَحْرَ هُوَ جَهَنَّمُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الْبَحْرُ الْمَسْجُورُ:
الْمَمْلُوءُ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ مِنَ اللُّغَةِ، وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ بِوُجُودِ مَاءِ الْبَحْرِ كَذَلِكَ، وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ، لِأَنَّ سَجَرْتَ التَّنُّورَ مَعْنَاهُ: مَلَأْتَهُ بِمَا يَحْتَرِقُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمَسْجُورُ:
الَّذِي ذَهَبَ مَاؤُهُ. وَرَوَى ذُو الرُّمَّةِ الشَّاعِرُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَتْ أَمَةٌ لِتَسْتَقِيَ، فَقَالَتْ: إِنَّ الْحَوْضَ مَسْجُورٌ: أَيْ فَارِغٌ، وَلَيْسَ لِذِي الرُّمَّةِ حَدِيثٌ إِلَّا هَذَا، فَيَكُونُ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْبِحَارَ يَذْهَبُ مَاؤُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْمَسْجُورُ:
الْمَحْبُوسُ، وَمِنْهُ سَاجُورُ الْكَلْبِ: وَهِيَ الْقِلَادَةُ مِنْ عُودٍ أَوْ حَدِيدٍ تُمْسِكُهُ، وَلَوْلَا أَنَّ الْبَحْرَ يُمْسَكُ، لَفَاضَ عَلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: الْمَسْجُورُ: الْمُخْتَلِطُ الْعَذْبُ بِالْمِلْحِ. وَقِيلَ:
الْمَفْجُورُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (?) . وَالْجُمْهُورُ: عَلَى أَنَّ الْبَحْرَ الْمُقْسَمَ بِهِ هُوَ بَحْرُ الدُّنْيَا، وَيُؤَيِّدُهُ: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (?) .
وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ تَحْتَ الْعَرْشِ فِيهِ مَاءٌ غَلِيظٌ يُقَالُ لَهُ بَحْرُ الْحَيَاةِ، يُمْطَرُ الْعِبَادُ مِنْهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَيَنْبُتُونَ فِي قُبُورِهِمْ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ جَهَنَّمُ، وَسَمَّاهَا بَحْرًا لِسَعَتِهَا وَتَمَوُّجِهَا. كَمَا جَاءَ فِي الْفَرَسِ: وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا. قِيلَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ فِي الْقَسَمِ بِالطُّورِ وَالْبَحْرِ وَالْبَيْتِ، لِكَوْنِهَا أَمَاكِنَ خَلْوَةٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، خَاطَبَ مِنْهَا رَبُّهُمْ رُسُلَهُ.
فَالطُّورُ، قَالَ فِيهِ مُوسَى: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (?) ، وَالْبَيْتُ الْمَعْمُورُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْبَحْرُ الْمَسْجُورُ لِيُونُسَ، قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ (?) ، فَشُرِّفَتْ هَذِهِ الْأَمَاكِنُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ. وَالْقَسَمُ بِكِتَابٍ مَسْطُورٍ، لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ لَهُمْ مَعَ الله في