قَالَهُ الْمَسْعُودِيُّ. وَالْخَيْرِيَّةُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا التَّفَاضُلُ، وَكِلَا الصِّنْفَيْنِ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقُوَّةِ وَالْمَنْعَةِ، كَمَا قَالَ: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ (?) ؟ بَعْدَ ذِكْرِ آلِ فِرْعَوْنَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَهُمْ أَشَدُّ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ؟ وَإِضَافَةُ قَوْمٍ إِلَى تُبَّعٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُهُمْ.
أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ: إِخْبَارٌ عَمَّا فَعَلَ تَعَالَى بِهِمْ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْإِهْلَاكِ هِيَ الْإِجْرَامُ، وَفِي ذَلِكَ وَعِيدٌ لِقُرَيْشٍ، وَتَهْدِيدٌ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ مَا فُعِلَ بِقَوْمِ تُبَّعٍ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ لِإِجْرَامِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّلِيلَ الْقَاطِعَ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالْبَعْثِ، وَهُوَ خَلْقُ الْعَالَمِ بِالْحَقِّ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَما بَيْنَهُما مِنَ الْجِنْسَيْنِ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْسٍ: وَمَا بينهن لا عبين. قَالَ مُقَاتِلٌ: عَابِثِينَ.
مَا خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ: أَيْ بِالْعَدْلِ، يُجَازِي الْمُحْسِنَ وَالْمُسِيءَ بِمَا أَرَادَ تَعَالَى مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ ذَلِكَ، فَهُمْ لَا يَخَافُونَ عِقَابًا وَلَا يَرْجُونَ ثوابا. وقرىء: مِيقَاتَهُمْ، بِالنَّصْبِ، عَلَى أَنَّهُ اسْمُ إِنَّ، وَالْخَبَرُ يَوْمَ الْفَصْلِ، أَيْ:
إِنَّ يَوْمَ الفصل ميعادهم وجزاؤهم، يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً يَعُمُّ جَمِيعَ الْمَوَالِي مِنَ الْقَرَابَةِ وَالْعَتَاقَةِ وَالصِّلَةِ شَيْئًا مِنْ إِغْنَاءٍ، أَيْ قَلِيلًا مِنْهُ: وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ: جَمْعٌ، لِأَنَّ عَنْ مَوْلًى فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ، فَعَادَ عَلَى الْمَعْنَى، لَا عَلَى اللَّفْظِ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَنْ رَحِمَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، أَيْ لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنَالُهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ فِيهِ مَنْ لَعَنَهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ. قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، أَيْ لَا يُغْنِي قَرِيبٌ عَنْ قَرِيبٍ إِلَّا الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي شَفَاعَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مَوْلًى الْمَرْفُوعِ، وَيَكُونُ يُغْنِي بِمَعْنَى يَنْفَعُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَنْ رَحِمَ اللَّهُ، فِي مَحَلِّ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْوَاوِ فِي يُنْصَرُونَ، أَيْ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْعَذَابِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ وَقَالَهُ الْحَوْفِيُّ قَبْلَهُ. إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
لَا يَنْصُرُ مَنْ عَصَاهُ، الرَّحِيمُ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَمَنْ عَفَا عَنْهُ.
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ: قرىء بِكَسْرِ الشِّينِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ.
طَعامُ الْأَثِيمِ: صِفَةُ مُبَالَغَةٍ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْآثَامِ، وَيُقَالُ لَهُ: أَثُومٌ، صِفَةُ مُبَالَغَةٍ أَيْضًا، وَفُسِّرَ بِالْمُشْرِكِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: الْمُكْتَسِبُ لِلْإِثْمِ. وَعَنِ ابْنِ زَيْدَانَ: الْأَثِيمُ هُنَا هُوَ أَبُو جَهْلٍ، وَقِيلَ: الْوَلِيدُ. كَالْمُهْلِ: هُوَ دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، أَوْ مُذَابُ الْفِضَّةِ، أَوْ مُذَابُ