الْحَقَّ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْمُقْسَمَ بِهِ، وَمَعْنَاهُ التَّوْكِيدُ وَالتَّسْدِيدُ، وَهَذَا الْوَجْهُ جَائِزٌ فِي الْمَنْصُوبِ وَالْمَرْفُوعِ، وَهُوَ وَجْهٌ دَقِيقٌ حَسَنٌ. انْتَهَى. وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ أَعْمَلَ الْقَوْلَ فِي لَفْظِ الْمُقْسَمِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ نَصْبًا أَوْ رَفْعًا أَوْ جَرًّا. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَالْأَعْمَشُ: بِخِلَافٍ عَنْهُمَا وَأَبَانُ بْنُ تَغْلَبَ، وَطَلْحَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَحَمْزَةُ، وَعَاصِمٌ عَنِ الْمُفَضَّلِ، وَخَلَفٍ، وَالْعَبْسِيِّ: بِرَفْعِ فَالْحَقُّ وَنَصْبِ وَالْحَقَّ، وَتَقَدَّمَ إِعْرَابُهُمَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَجْمَعِينَ تَأْكِيدٌ لِلْمُحَدَّثِ عَنْهُ وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَمِيرُ إِبْلِيسَ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِ، أَيْ مِنْكَ وَمِنْ تَابِعِيكِ أَجْمَعِينَ. وَأَجَازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ أَجْمَعِينَ تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ الَّذِي فِي مِنْهُمْ، مُقَدَّرٌ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَمِمَّنْ تَبِعَهُمْ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، لَا تَفَاوُتَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نَاسٍ وَنَاسٍ بَعْدَ وُجُودِ الْأَتْبَاعِ مِنْهُمْ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ. انْتَهَى. وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: عَائِدٌ عَلَى الْوَحْيِ. وَقِيلَ: عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ. وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ: أَيِ الْمُتَصَنِّعِينَ الْمُتَحَلِّينَ بِمَا لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، فَأَنْتَحَلُ النُّبُوَّةَ وَالْقَوْلَ عَلَى اللَّهِ. إِنْ هُوَ: أَيِ الْقُرْآنُ، إِلَّا ذِكْرٌ: أَيْ مِنَ اللَّهِ، لِلْعالَمِينَ: الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ: أَيْ عَاقِبَةَ خَبَرِهِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، بَعْدَ حِينٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالْفَرَّاءُ، وَالزَّجَّاجُ: بَعْدَ الْمَوْتِ. وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، عِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِيكَ الْخَبَرُ الْيَقِينُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَيَظْهَرَنَّ لكم حقيقة ما أقوال. بَعْدَ حِينٍ: أَيْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، إِذَا أَخَذَتْكُمْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ السُّدِّيُّ.