وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: عِشْرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرْبَعُونَ وَقِيلَ: خَمْسُونَ. وَقَالَ عَلِيٌّ: سِتُّونَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَجاءَكُمُ مَعْطُوفٌ عَلَى أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: قَدْ عَمَّرْنَاكُمْ، كَقَوْلِهِ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً (?) ، وَقَوْلِهِ: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (?) ، ثُمَّ قَالَ: وَلَبِثْتَ فِينا (?) وَقَالَ وَوَضَعْنا (?) ، لأن المعنى قدر بيناك وَشَرَحْنَا. وَالنَّذِيرُ جِنْسٌ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلُّ نَبِيٍّ نَذِيرُ أمته. وقرىء: النُّذُرُ جَمْعًا، وَقِيلَ:
النَّذِيرُ: الشَّيْبُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَسُفْيَانُ، وَوَكِيعٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ، وَالْفَرَّاءُ، وَالطَّبَرِيُّ. وَقِيلَ: مَوْتُ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَقِيلَ: كَمَالُ السُّفْلِ.
فَذُوقُوا: أَيْ عَذَابَ جَهَنَّمَ. وَقَرَأَ جَنَاحُ بْنُ حُبَيْشٍ: عَالِمٌ مُنَوَّنًا، غَيْبَ نَصْبًا وَالْجُمْهُورُ: عَلَى الْإِضَافَةِ. وَمَجِيءُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَقِيبَ مَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ يُعَذَّبُونَ دَائِمًا مُدَّةَ كُفْرِهِمْ. كَانَتْ مُدَّةً يَسِيرَةً مُنْقَطِعَةً، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ تَعَالَى عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا تنطوى عليه المصدور مِنَ الْمُضْمَرَاتِ. وَكَانَ يَعْلَمُ مِنَ الْكَافِرِ أَنَّهُ تَمَكَّنَ الْكُفْرُ فِي قَلْبِهِ، بِحَيْثُ لَوْ دَامَ إِلَى الْأَبَدِ مَا آمَنَ بِاللَّهِ وَلَا عَبَدَهُ.
وَخَلَائِفُ: جَمْعُ خَلِيفَةٍ، وَخُلَفَاءُ: جَمْعُ خَلِيفٍ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَخْلَفِ: خَلِيفَةٌ وَخَلِيفٌ، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى اسْتَخْلَفَهُمْ بَدَلُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، فَلَمْ يَتَّعِظُوا بِحَالِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ مُكَذِّبِي الرُّسُلِ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْهَلَاكِ، وَلَا اعْتَبَرُوا بِمَنْ كَفَرَ، وَلَمْ يَتَّعِظُوا بِمَنْ تَقَدَّمَ.
فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ: أَيْ عِقَابُ كُفْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِطَابٌ عَامٌّ وَقِيلَ: لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَالْمَقْتُ:
أَشَدُّ الِاحْتِقَارِ وَالْبُغْضِ وَالْغَضَبِ، وَالْخَسَارُ: خَسَارُ الْعُمُرِ. كَأَنَّ الْعُمُرَ رَأْسُ مَالٍ، فَإِنِ انْقَضَى فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، فَقَدْ خَسِرَهُ وَاسْتَعَاضَ بِهِ بَدَلَ الرِّبْحِ بِمَا يَفْعَلُ مِنَ الطَّاعَاتِ سُخْطَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ، بِحَيْثُ صَارُوا إِلَى النَّارِ.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ، قَالَ الْحَوْفِيُّ: أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ ذَلِكَ لِلتَّقْرِيرِ، وَفِي التَّحْرِيرِ:
أَرَأَيْتُمْ: الْمُرَادُ مِنْهُ أَخْبِرُونِي، لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ. يَقُولُ الْقَائِلُ: أَرَأَيْتَ مَاذَا فَعَلَ زَيْدٌ؟ فَيَقُولُ السَّامِعُ: بَاعَ وَاشْتَرَى، وَلَوْلَا تَضَمُّنُهُ مَعْنَى أَخْبِرُونِي لَكَانَ الْجَوَابُ نَعَمْ أَوْ لَا.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَرَأَيْتُمْ يَنْزِلُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مَنْزِلَةَ أَخْبِرُونِي. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَرُونِي بَدَلٌ مِنْ أَرَأَيْتُمْ لِأَنَّ مَعْنَى أَرَأَيْتُمْ أَخْبِرُونِي، كَأَنَّهُ قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءِ وَعَنْ مَا اسْتَحَقُّوا بِهِ الْإِلَهِيَّةَ وَالشِّرْكَةَ، أَرُونِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ اسْتَبَدُّوا بِخَلْقِهِ دُونَ اللَّهِ، أَمْ لَهُمْ مَعَ الله