كَثِيراً، وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا، لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً، وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً، وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً.
الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ، لِلْمُؤْمِنِينَ، لِقَوْلِهِ قَبْلُ: وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ، وَقَوْلِهِ بَعْدُ: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكُمْ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ. فَكَمَا نَصَرَكُمْ وَوَازَرَكُمْ حَتَّى قَاتَلَ بِنَفْسِهِ عَدُوَّكُمْ، فَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ الْكَرِيمَةُ، وَشُجَّ وَجْهُهُ الْكَرِيمُ، وَقُتِلَ عَمُّهُ، وَأُوذِيَ ضُرُوبًا مِنَ الْإِيذَاءِ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْصُرُوهُ وَتُوَازِرُوهُ، وَلَا تَرْغَبُوا بِأَنْفُسِكُمْ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا عَنْ مَكَانٍ هُوَ فِيهِ، وَتَبْذُلُوا أَنْفُسَكُمْ دُونَهُ فَمَا حَصَلَ لَكُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مَا تَفْعَلُونَهُ معه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ النُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إن خِطَابٌ لِلْمُنَافِقِينَ. وَالْيَوْمَ الْآخِرَ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: يَوْمَ السياق. وأُسْوَةٌ: اسم كان، ولَكُمْ: الْخَبَرُ، وَيَتَعَلَّقُ فِي رَسُولِ اللَّهِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَكُمْ، أَوْ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ جَازَ أَنْ يَكُونَ نعتا لأسوة، أو يتعلق بكان عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ فِي كَانَ وَأَخَوَاتِهَا النَّاقِصَةِ أَنْ تَعْمَلَ فِي الظَّرْفِ وَالْمَجْرُورِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ الْخَبَرُ، ولكم تَبْيِينٌ، أَيْ لَكُمْ، أَعْنِي: لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بَدَلٌ مِنْ لَكُمْ، كَقَوْلِهِ: لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (?) . انْتَهَى. وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ يُبْدَلَ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ، وَلَا مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ، اسْمٌ ظَاهِرٌ فِي بَدَلِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ وَهُمَا لِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الْكُوفِيُّونَ وَالْأَخْفَشُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِكُمْ قُرَيْشٍ كُفِينَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ ... وَأَمَّ نَهْجَ الْهُدَى مَنْ كَانَ ضِلِّيلًا
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِسْوَةٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَعَاصِمٌ بِضَمِّهَا. وَالرَّجَاءُ: بِمَعْنَى الْأَمَلِ أَوِ الْخَوْفِ.
وَقَرَنَ الرَّجَاءَ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَالْمُؤْتَسِي بِرَسُولِ اللَّهِ، هُوَ الَّذِي يَكُونُ رَاجِيًا ذَاكِرًا. وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى