لِلْمَفْعُولِ وَحَفْصٌ، وَعِصْمَةُ، وَأَبَانٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَابْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وطلحة، والأعمش: لا نخسف بِنَا، كَقَوْلِكَ: انْقَطَعَ بِنَا، كَأَنَّهُ فِعْلٌ مُطَاوِعٌ، وَالْمَقَامُ مَقَامُ الْفَاعِلِ هُوَ بِنا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرَ: أي لا نخسف الِانْخِسَافُ، وَمُطَاوِعُ فِعْلٌ لَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِهِ، فلذلك بني إما لبنا وَإِمَّا لِلْمَصْدَرِ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا: لَتُخُسِّفَ، بِتَاءٍ وَشَدِّ السِّينِ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا مَا كانُوا يَعْمَلُونَ، إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
لَمَّا كَانَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ، ذَكَرَ مَحَلَّ الثَّوَابِ، وَهُوَ الدَّارُ الْآخِرَةُ. وَالْمَعْنَى: تِلْكَ الَّتِي سَمِعْتَ بِذِكْرِهَا، وَبَلَغَكَ وَصْفُهَا. الدَّارُ الْآخِرَةُ: أَيْ نَعِيمُ الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَهِيَ الْجَنَّةُ، وَالْبَقَاءُ فِيهَا سَرْمَدًا، وَعَلَّقَ حُصُولَهَا عَلَى مجرد الإرادة، فكيف يمن بَاشَرَ الْعُلُوَّ وَالْفَسَادَ؟ ثُمَّ جَاءَ التَّرْكِيبُ بِلَا فِي قَوْلِهِ: وَلا فَساداً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلُوِّ وَالْفَسَادِ مَقْصُودٌ، لَا مَجْمُوعَهُمَا. قَالَ الْحَسَنُ: الْعُلُوُّ: الْعِزُّ وَالشَّرَفُ، إِنْ جَرَّ الْبَغْيَ الضَّحَّاكُ، الظُّلْمُ وَالْفَسَادُ يَعُمُّ أَنْوَاعَ الشَّرِّ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّ الرَّجُلَ لَيُعْجِبُهُ أَنْ يَكُونَ شِرَاكُ نَعْلِهِ أَجْوَدَ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِ صَاحِبِهِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَهَا.
وَعَنِ الْفُضَيْلِ، أَنَّهُ قَرَأَهَا ثُمَّ قَالَ: ذَهَبَتِ الْأَمَانِيُّ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز: أَنَّهُ كَانَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى قُبِضَ. فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَيْرٌ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاحِدَ الْخُيُورِ، أَيْ فَلَهُ خَيْرٌ بِسَبَبِ فِعْلِهَا، وَوَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ فِي قَوْلِهِ: فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ، تَهْجِينًا لِحَالِهِمْ وَتَبْغِيضًا لِلسَّيِّئَةِ إِلَى قُلُوبِ السَّامِعِينَ، فَفِيهِ بِتَكْرَارِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ لَوْ كَانَ: فَلَا يُجْزَوْنَ بِالصَّهْرِ، وَمَا كَانُوا عَلَى حَذْفِ مِثْلَ، أَيْ إِلَّا مِثْلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، لِأَنَّ جَزَاءَ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.
إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، قَالَ عَطَاءٌ: الْعَمَلَ بِهِ وَمُجَاهِدٌ: أَعْطَاكَهُ وَمُقَاتِلٌ: أَنْزَلَهُ عَلَيْكَ، وَكَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْجَبَ عَلَيْكَ تِلَاوَتَهُ