وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
فَبَاتَ حَيْثُ يَدْخُلُ الثَّوِيُّ.
أَيِ الضَّيْفُ الْمُقِيمُ. الْبَطَرُ: الطُّغْيَانُ. السَّرْمَدُ: الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ.
طسم، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ، نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ مَا كانُوا يَحْذَرُونَ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا، قَالَهُ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فِيهَا مِنَ الْمَدَنِيِّ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ إِلَى قَوْلِهِ: لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجُحْفَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِالْجُحْفَةِ، فِي خُرُوجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْهِجْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَلَامٍ:
نَزَلَ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ، بِالْجُحْفَةِ، وَقْتَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَمُنَاسَبَةُ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ لِآخِرِ السُّورَةِ قَبْلَهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ تَعَالَى بِحَمْدِهِ، ثُمَّ قَالَ:
سَيُرِيكُمْ آياتِهِ (?) .
وَكَانَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ آيَاتِهِ تَعَالَى مُعْجِزَاتُ الرَّسُولِ، وَأَنَّهُ أَضَافَهَا تَعَالَى إِلَيْهِ، إِذْ كَانَ هُوَ الْمُخْبِرُ بِهَا عَلَى قَدَمِهِ فَقَالَ: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ، إِذْ كَانَ الْكِتَابُ هُو أَعْظَمُ الْمُعْجِزَاتِ وَأَكْبَرُ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. نَتْلُوا:
أَيْ نَقْرَأُ عَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ جِبْرِيلَ، أَوْ نَقُصُّ. وَمَفْعُولُ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ: أَيْ بَعْضَ نبأ، وبالحق متعلق بنتلو، أَيْ مُحِقِّينَ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ نَبَأِ، أَيْ مُتَلَبِّسًا بِالْحَقِّ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِالتِّلَاوَةِ. عَلا فِي الْأَرْضِ: أَيْ تَجَبَّرَ وَاسْتَكْبَرَ حَتَّى ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَالْإِلَهِيَّةَ. وَالْأَرْضُ: أَرْضُ مِصْرَ، وَالشِّيَعُ: الْفِرَقُ. مَلَكَ الْقِبْطَ وَاسْتَعْبَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَيْ يُشَيِّعُونَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، أَوْ يُشَيِّعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي طَاعَتِهِ، أَوْ نَاسًا فِي بِنَاءٍ وَنَاسًا فِي حَفْرٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحِرَفِ الْمُمْتَهَنَةِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهُ، ضَرَبَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، أَوْ أَغْرَى بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَكُونُوا لَهُ أَطْوَعَ، وَالطَّائِفَةُ الْمُسْتَضْعَفَةُ بَنُو إِسْرَائِيلَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَسْتَضْعِفُ اسْتِئْنَافٌ يُبَيِّنُ حَالَ بَعْضِ الشِّيَعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ، وَجَعَلَ وأن تكون صفة