مُنَوَّنًا. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْأَصْبَهَانِيُّ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنَوَّنْ، جَعَلَهُ فُعْلَى، فَامْتَنَعَ الصَّرْفُ وَابْنُ مِقْسَمٍ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَالسِّينِ مُنَوَّنًا. وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو حَيْوَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْأَعْمَشُ، وَأَبُو عمرو في رواية الْجُعْفِيِّ، وَأَبُو زَيْدٍ، وَعِصْمَةُ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، وَهَارُونُ، وَعِيَاشٌ: بِفَتْحِهِمَا مُنَوَّنًا.
وَأَدْخِلْ: أَمْرٌ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ ظُهُورِ الْمُعْجِزِ الْعَظِيمِ، لَمَّا أَظْهَرَ لَهُ مُعْجِزًا فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ الْعَصَا، أَظْهَرَ لَهُ مُعْجِزًا فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ تَلَأْلُؤُ يَدِهِ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ نُورٍ، إِذَا فِعْلَ مَا أُمِرَ بِهِ. وَجَوَابُ الْأَمْرِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ تَخْرُجْ، لِأَنَّ خُرُوجَهَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى إِدْخَالِهَا. وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَدْخُلْ، وَأَخْرِجْهَا تَخْرُجْ، فَحَذَفَ مِنَ الْأَوَّلِ مَا أَثْبَتَ مُقَابِلَهُ فِي الثَّانِي، وَمِنَ الثَّانِي مَا أَثْبَتَ مُقَابِلَهُ فِي الْأَوَّلِ. قَالَ قَتَادَةُ: فِي جَيْبِكَ: قَمِيصِكَ، كَانَتْ لَهُ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ لَا كُمَّيْنِ لَهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ:
كَانَ كُمُّهَا إِلَى بَعْضِ يَدِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: فِي جَيْبِكَ: أَيْ تَحْتَ إِبِطِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ:
فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: اذْهَبْ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً، وَهَذَا الْحَذْفُ مِثْلُ قَوْلِهِ:
أَتَوْا نَارِي فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُمْ ... فَقَالُوا الْجِنَّ قُلْتُ عِمُوا ظَلَامًا
وَقُلْتُ إِلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مِنْهُمْ ... فَرِيقٌ يَحْسُدُ الْإِنْسُ الطَّعَامَا
التَّقْدِيرُ: هَلُمُّوا إِلَى الطَّعَامِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَأَلْقِ عَصَاكَ، وَأَدْخِلْ يَدَكَ، فِي تِسْعِ آياتٍ، أَيْ فِي جُمْلَةِ تِسْعِ آيَاتٍ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَانَتِ الْآيَاتُ إِحْدَى عَشْرَةَ، ثَنَتَانِ مِنْهَا: الْيَدُ وَالْعَصَا، وَالتِّسْعُ: الْفَلْقُ، وَالطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، وَالطَّمْسَةُ، والجذب فِي بَوَادِيهِمْ، وَالنُّقْصَانُ مِنْ مَزَارِعِهِمْ. انْتَهَى.
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْعَصَا وَالْيَدُ دَاخِلَتَيْنِ فِي التِّسْعِ، وَعَلَى الثَّانِي تَكُونَ فِي بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ مَعَ تِسْعِ آيَاتٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فِي تِسْعِ آياتٍ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: أَلْقِ، وأَدْخِلْ، وَفِيهِ اقْتِضَابٌ وَحَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: تُمَهَّدْ ذَلِكَ وَتُيَسَّرْ لَكَ فِي جُمْلَةِ تِسْعِ آيَاتٍ وَهِيَ: الْعَصَا، وَالْيَدُ، وَالطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، وَالطَّمْسُ، وَالْحَجَرُ وَفِي هَذَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ اخْتِلَافٌ، وَالْمَعْنَى: يَجِيءُ بِهِنَّ إِلَى فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فِي تِسْعِ آيَاتٍ، أَيْ مِنْ تِسْعِ آيَاتٍ، كَمَا تَقُولُ: خُذْ لِي عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ فِيهَا فَحْلَانِ، أَيْ مِنْهَا إِلَى فِرْعَوْنَ، أَيْ مُرْسَلًا إِلَى فِرْعَوْنَ. انْتَهَى. وَانْتُصِبَ مُبْصِرَةً عَلَى الْحَالِ، أَيْ بَيِّنَةٍ