وَعَلَى ذِكْرِهِ. وَانْتَصَبَ لِواذاً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مُتَلَاوِذِينَ، ولِواذاً مَصْدَرُ لَاوَذَ صَحَّتِ الْعَيْنُ فِي الْفِعْلِ فَصَحَّتْ فِي الْمَصْدَرِ، وَلَوْ كَانَ مَصْدَرَ لَاذَ لَكَانَ لِيَاذًا كَقَامَ قِيَامًا. وَقَرَأَ يَزِيدُ بْنُ قُطَيْبٍ لِواذاً بِفَتْحِ اللَّامِ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ لَاذَ وَلَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا كَسْرَةَ قَبْلَ الْوَاوِ فَهُوَ كَطَافَ طَوَافًا. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ لَاوَذَ وَكَانَتْ فَتْحَةُ اللَّامِ لِأَجْلِ فَتْحَةِ الْوَاوِ وَخَالَفَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ تَقُولُ: خَالَفْتُ أَمْرَ زَيْدٍ وَبِإِلَى تَقُولُ: خَالَفْتُ إِلَى كَذَا فَقَوْلُهُ عَنْ أَمْرِهِ ضَمَّنَ خَالَفَ مَعْنَى صَدَّ وَأَعْرَضَ فَعَدَّاهُ بِعَنْ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَعْنَاهُ يَقَعُ خِلَافُهُمْ بَعْدَ أَمْرِهِ كَمَا تَقُولُ كَانَ الْمَطَرُ عن ريح وعَنْ هِيَ لِمَا عَدَا الشَّيْءَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ عَنْ زَائِدَةٌ أَيْ أَمْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْحَذَرِ لِلْوُجُوبِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَنْ الضَّمِيرَ فِي أَمْرِهِ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ. وَقِيلَ عَلَى الرَّسُولِ.

وَقُرِئَ يُخَلِّفُونَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يُخَلِّفُونَ أَنْفُسَهُمْ بَعْدَ أَمْرِهِ، وَالْفِتْنَةُ الْقَتْلُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَوْ بَلَاءٌ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، أَوْ كُفْرٌ قَالَهُ السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ، أَوِ إِسْبَاغُ النِّعَمِ اسْتِدْرَاجًا قَالَهُ الْجَرَّاحُ، أَوْ قَسْوَةُ الْقَلْبِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ قَالَهُ الْجُنَيْدُ، أَوْ طَبْعٌ عَلَى الْقُلُوبِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ التَّمْثِيلِ لَا الْحَصْرِ وَهِيَ فِي الدُّنْيَا. أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ. قِيلَ: عَذَابُ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: هُوَ الْقَتْلُ فِي الدُّنْيَا.

أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ هَذَا كَالدَّلَالَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْمُكَلَّفِ فِيمَا يُعَامِلُهُ بِهِ مِنَ الْمُجَازَاةِ مِنْ ثَوَابِهِ وَعِقَابِهِ. قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَيْ مِنْ مُخَالَفَةِ أَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ وَفِيهِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُنَافِقِينَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَدْخَلَ قَدْ لِيُؤَكِّدَ عِلْمَهُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ عَنِ الدِّينِ وَالنِّفَاقِ، وَيَرْجِعُ تَوْكِيدُ الْعِلْمِ إِلَى تَوْكِيدِ الْوَعِيدِ وَذَلِكَ أَنَّ قَدْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ كَانَتْ بِمَعْنَى رُبَّمَا، فَوَافَقَتْ رُبَّمَا فِي خُرُوجِهَا إِلَى مَعْنَى التَّنْكِيرِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:

فَإِنْ يُمْسِ مَهْجُورَ الْفِنَاءِ فَرُبَّمَا ... أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الْوُفُودِ وُفُودُ

وَنَحْوٌ مَنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

أَخِي ثِقَةٍ لَا يُهْلِكُ الْخَمْرُ مَالَهُ ... وَلَكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ الْمَالَ نَائِلُهُ

انْتَهَى. وَكَوْنُ قَدْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضَارِعِ أَفَادَتِ التَّكْثِيرَ قَوْلُ بَعْضِ النُّحَاةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا التَّكْثِيرُ مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقَةِ الْكَلَامِ فِي الْمَدْحِ وَالصَّحِيحُ فِي رُبَّ أَنَّهَا لِتَقْلِيلِ الشَّيْءِ أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015