مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ عَلَى سَبِيلِ الشُّذُوذِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَالُ، أَوْ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ شَدَّ الْكَافَ. وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ، وَكَانَ عَمَلُهُ الصَّالِحُ أَمَارَةً عَلَى سَبْقِهَا أَوْ مَنْ يَشَاءُ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ لِأَقْوَالِهِمْ عَلِيمٌ بِضَمَائِرِهِمْ.
وَلا يَأْتَلِ هُوَ مُضَارِعُ ائْتَلَى افْتَعَلَ مِنَ الْأَلِيَّةِ وَهِيَ الْحَلِفُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يُقَصِّرُ مِنِ افْتَعَلَ أَلَوْتُ قَصَّرْتُ وَمِنْهُ لَا يَأْلُونَكُمْ (?) . وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَا الْمَرْءُ مَا دَامَتْ حُشَاشَةُ نَفْسِهِ ... بِمُدْرِكِ أَطْرَافِ الْخُطُوبِ وَلَا آلِ
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُسْلِمٍ. وَسَبَبُ نُزُولِهَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَلِفُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِسْطَحٍ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَافِعَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ وَالضَّحَّاكُ: قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنَافِعَهُمْ عَمَّنْ قَالَ فِي الْإِفْكِ، وَقَالُوا: لَا نَصِلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي جَمِيعِهِمْ.
وَالْآيَةُ تَتَنَاوَلُ مَنْ هُوَ بِهَذَا الْوَصْفِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَأْتَلِ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَبُو جَعْفَرٍ مَوْلَاهُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالْحَسَنُ يَتَأَلَّ مُضَارِعُ تَأَلَّى بِمَعْنَى حَلَفَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
تَأَلَّى ابْنُ أَوْسٍ حَلْفَةً لِيَرُدَّنِي ... إِلَى نِسْوَةٍ كَأَنَّهُنَّ مَعَائِدُ
وَالْفَضْلُ وَالسَّعَةُ يَعْنِي الْمَالَ، وَكَانَ مِسْطَحٌ ابْنَ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَمِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَكَانَ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ دَاعِيًا أَبَا بَكْرٍ أَنْ لَا يُحْسِنَ إِلَيْهِ، فَأُمِرَ هُوَ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ، وَحِينَ سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ؟
قَالَ: بَلَى، أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي وَرَدَّ إِلَى مِسْطَحٍ نَفَقَتَهُ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا أَبَدًا. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ قُطَيْبٍ وَأَبُو الْبَرَهْسَمِ أَنْ تُؤْتُوا بِالتَّاءِ عَلَى الِالْتِفَاتِ، وَيُنَاسِبُهُ أَلا تُحِبُّونَ وأَنْ يُؤْتُوا نَصَبَ الْفِعْلَ الْمَنْهِيَّ فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْحَلِفِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ كَرَاهَةَ أَنْ يُؤْتُوا وَأَنْ لَا يُؤْتُوا فَحَذَفَ لَا، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى يُقَصِّرُ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي أَنْ يُؤْتُوا أَوْ عَنْ أَنْ يُؤْتُوا. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ وَسُفْيَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ وَلْتَعْفُوا وَلْتَصْفَحُوا بِالتَّاءِ أَمْرُ خِطَابٍ لِلْحَاضِرِينَ.
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ عَامٌّ فِي الرَّامِينَ وَانْدَرَجَ فِيهِ الرَّامِيَانِ تَغْلِيبًا لِلْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ.
والْمُحْصَناتِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي النِّسَاءِ الْعَفَائِفِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ يَرْمُونَ الْأَنْفُسَ الْمُحْصَناتِ فيدخل فيه